رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

خارج السطر

 

 

أن تفتح فمك، أن تُجاهر بما تعلم، أن تُكاشف، أن تدحض أكذوبة، أن تُخاصم قطيعاً، أن تُناقش بهدوء حناجر زاعقة فى بلد مثل مصر، فأنت لا شك تقود نفسك إلى التهلكة.

والتهلكة فى بلادنا هى أن يخرج ساذج ويطل جاهل ويتجلى حنجورى ليسبك ويفرد لك ملاءاته ويقذفك بالحجارة، وذلك ما جرى مع عمرو موسى عندما كتب مذكراته.

كشف عمرو موسى كيف كان عبدالناصر مدعيًا عندما قال إنه كان يعمل دبلوماسياً فى سويسرا وكان مبعوث خاص لعبدالناصر يأتى ليشترى له أطعمة خاصة. وجاهر «موسى» برأيه فى «ناصر» بأنه ديكتاتور، وهو ما أغضب جمعية المنتفعين، والمُهللين والمصفقين للرجل حيًا وميتاً، فسنّوا سكاكينهم إرهابا وعدواناً.

تصوروا أن يخرج رياضى لا علاقة له بالتاريخ والثقافة ليقول لعمرو موسى فى سذاجة «لو كان عبدالناصر حيًا لقتلك»، وكأنه يؤكد ديكتاتورية الزعيم المفدى وسطوته التى تصل حد قتل مّن يتحدث عنه. تخيلوا أن يصل لغة التحاور بنا إلى رد شقيق عبدالناصر الأصغر بأنَّ هذا الكلام كلام حشيش!

فكروا كيف يكتب رفعت رشاد الذى لم يخُط فى حياته حرفًا ينتقد فيه السلطة فى أى عهد مُدافعا عن ديكتاتورية عبدالناصر قائلاً: صدعتونا بموضوع الديمقراطية، والصين والاتحاد السوفيتى بنوا مجدهم دون ديمقراطية! ويصل به الغضب أن يُقرر دون دراية بالتاريخ أنَّ عبدالناصر أخرج الإنجليز من مصر وأن الوفديين تقطعت أنفاسهم للوصول إلى اتفاق دون جدوى!! لو قرأ رفعت رشاد قليلاً لعرف أن حرب الفدائيين انطلقت من حكومة الوفد، وأن الوفديين رفضوا مرارًا الاستقلال المشروط بالتخلى عن السودان والذى قبله عبدالناصر صاغراً.

لقد غضب الغاضبون أن يخرج «موسى» ذو الشعبية الواسعة ليقول إن عبدالناصر قاد مصر إلى هزائم ومغامرات شخصية كانت وبالًا ومازلنا ندفع ثمنها حتى اليوم. وربما تألم المُتناصرون لقول «موسى» بأن عبدالناصر اختصر مصر فى شخصه. وفى ظنى فإن دبلوماسية عمرو موسى خففت كثيرًا مما يجب أن يقال فى هذا الصدد. وفى تصورى فإن عبدالناصر اختصر العالم العربى كله فى شخصه بل اختصر كل ثوار ومحررى العالم، وليس أدل على ذلك من قوله فى خطاب التنحى: «إن قوى الاستعمار تظن أن جمال عبدالناصر هو عدوها وأريد أن يكون واضحاً أمامهم أنها الأمة العربية كلها وليس جمال عبدالناصر. «ومن قبل صاح فى المنشية» أنا جمال عبدالناصر الذى علمتكم العزة والحرية والكرامة». ووصل الأمر أن يتحول هذا الخطاب إلى خطاب الدولة فعليًا فيغنى «حليم» فى عيد الثورة عن ناصر «وزعيمك خلاكى زعيمة»، فلا مصر ولا العالم العربى ولا شرفاء النضال الثورى فى العالم دون عبدالناصر. ولا عزة ولا حرية ولا كرامة إلا من خلال مُعلم المصريين عبدالناصر، فلا حول ولا قوة لا بالله.

الصراحة. كانت هى خطيئة عمرو موسى، وهى خطيئة لأن القطيع يٌفضل الصمت، ويرضى بالسكوت، ويقبل بتأليه كُل مَن حكم، أما خطايا عبدالناصر فسنظل ندفع ثمنها أجيالا بعد أخرى فاعتبروا يا أولى الأبصار. والله أعلم.

 

[email protected] com