رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

خارج السطر

تقول النُكتة الشهيرة إنَّ حاكماً عربياً مُحنكاً ذهب إلى البلاد المُقدسة لأداء فريضة الحج. ولما وصل إلى مرحلة رمى الجمرات رمى رمز الشيطان بست جمرات فقط، ثُم وضع السابعة فى جيبه، فلما سأله مُساعدوه عن ذلك، فقال لهم: إنه لا ينبغى أن نغلق الباب تماماً مع الشيطان، فقد نحتاج إليه يوماً ما.

ذلك درس السياسة الأول: مواربة الباب، ومد خيوط سرية مع أعدى الأعداء، وتحقيق أكبر توازن استراتيجى فى العلاقات الدولية. أن تتحرك هُنا وهُناك، وأن تكون لك قنوات اتصالات بالأشرار والأخيار، وأن تنجح فى لعب دور ما فى مناطق صعبة فى العالم.

أقول ذلك بعد خبر سريع لم ينُشر بشكل رسمى وإنما نشرته صُحف ووكالات دولية يؤكد أنّ مصر قطعت تماماً علاقات التعاون الاستراتيجى مع كوريا الشمالية. وهو خبر لم يوضح إن كان سبب قطع العلاقات يتصل بامتلاك كوريا لأسلحة دمار شامل، أم لانتهاكات حقوق الإنسان اللامحدودة فى تلك الدولة الغريبة، أم لأمور أخرى.

إن الدولة المصرية لاشك لديها أسباب واضحة ووجيهة لمثل هذا القرار، لكننا نرى وقد نصيب ونُخطئ أنَّ توقيت إعلان القرار غير مناسب بالمرة، خاصة أنَّه جاء بعد أقل من أسبوعين فقط من قرار تجميد جزء من المساعدات الأمريكية المقدمة لمصر، وكانت من المبررات التى عرضتها الميديا الأمريكية لهذا الإجراء وقتها وجود علاقات تعاون استراتيجى بين مصر وكوريا الشمالية.

إن كانت مصر ترى فى علاقاتها مع كوريا الشمالية ضرراً بالغاً بمصالحها، فهذا مفهوم، فتلك الدولة بما تُقره من إعدامات وقهر ضد مواطنيها إن صحت أنباؤها يجعل الاقتران بها سُبة لأى دولة. كذلك فإن ما يثيره ذلك النظام من اضطرابات وتهديدات دمار ضد جيرانه يدفع إلى إدانته والتباهى بقطع الوشائج معه، لكن المشكلة الوحيدة فى نظرى أن يتم ذلك بعد كلام مُسرّب عن تعكر العلاقات المصرية الأمريكية نتيجة الصلات والتعاون بين مصر وكوريا الشمالية.

إننا كمواطنين مصريين لم نعلّم بشكل واضح الأسباب التى دعت الدولة إلى إقامة علاقات صداقة وتعاون وتبادل خبرات مع النظام السادى فى بيونج يانج، كما أننا لا نعرف فى الوقت ذاته الأسباب التى دفعتنا أن نُنهى شهر العسل مع ذلك البلد البعيد.

المعرفة ضرورة، ونخشى أن يعود زمان يُحدد فيه شخص ما لا نعرفه فى مكان ما لا نراه مَن هُم أصدقاء الوطن ومَن هُم أعدائه.

ورحم الله عبدالحليم حافظ عندما غنى كلاماً ساذجاً كتبه الأبنودى لتأسيس فكرة السُلطة التى تعرف الصديق والعدو فقال:

«ابنك يقولك ثورتك عارفة الطريق.. وعارفة مين يابا العدو ومين الصديق. ثابتة كما الجبل للعدو، حالفة عالانتصار».

وأثبتت الأيام أنها لم تكن تعرف، ولم تثبت، ولم تنتصر.

والله أعلم.

[email protected]