رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

كان على النادى الإسماعيلى كبير الكورة فى بر مصر فى ذلك الوقت أن يسير على خطى الكبار فسافرت البعثة فى جولة خليجية خصصت الإدارة النادرة بقيادة المعلم عثمان أحمد عثمان إيرادات الرحلة لدعم المجهود الحربى لإزالة آثار عدوان 1967 وبالطبع كان الولد الشقى السعدنى الكبير أحد المرافقين للبعثة فى رحلة الخليج وفى أبوظبى استقبل الشيخ زايد بن سلطان البعثة بكامل أفرادها وعندما علم أن السعدنى موجود ضمن البعثة طلب منه أن يجلس إلى جواره.. وبعد الترحيب بأعضاء النادى الإسماعيلى.. نظر الشيخ زايد إلى السعدنى وقال.. انت صاحب المسلسل الإذاعى «الشيخ لعبوط يتلعبط» وهنا أسقط فى يد السعدنى وتصور أن الشيخ زايد غضب من هذا المسلسل وربما يكون المسلسل أساء إلى أحد الكبار فى إمارة أبوظبي.. وعلى الفور أجاب الولد الشقى قائلاً الحقيقة يا أفندم اللى كتب المسلسل الإذاعى مش أنا والدى وهو اتسبب لى فى مشاكل كثيرة وضحك الشيخ من أعماق القلب وقال.. لكن الوالد ما تسبب لنا فى مشكلة والله.. لقد ساعدنا فى حل مشكلة كبيرة.. وهنا أبدى أحد أفراد الفريق ولا داعى لذكر الاسم وقال.. عم محمود السعدنى هو اللى كتب يا سمو الشيخ.. وضحك الشيخ وقال.. أنا أدرى أن السعدنى يهوى السخرية.. ولكن دعونى أحكى لكم ما جري.. وحكى الشيخ زايد عن حاكم أبو ظبى السابق الشيخ «شخبوط» الذى كان يحتفظ بأموال النفط ولا يقبل أبدًا أن يصرف منها مليم واحد لتعمير الإمارة وبالطبع هذا الوضع لم يكن ليستقيم ولا ليطول  وبالفعل تهامس الناس والوطنيون فيما بينهم فإذا كان الله سبحانه وتعالى قد منَّ على أبوظبى بكل هذا الخير فلماذا لا يعود الخير على الأرض بالنماء والعمار وعلى المواطنين وقد كانت الإذاعة المصرية على قدر إمكانياتها المادية البسيطة مسموعة ومؤثرة فى كل أنحاء العالم العربى وقد شهد مسلسل «الشيخ لعبوط يتلعبط» رواجًا شديدًا فى إمارة أبو ظبي.. بل انه ساعد فى تشكيل رأى عام للإطاحة بالشيخ شخبوط ومع مجىء الشيخ زايد بدأت الأيادى تمتد بالإعمار فى كل مكان ولم تكن أبو ظبى سوى مبانى بدائية وعلى امتداد البصر لا يمكن للعين أن تضبط عودًا أخضر واحد وفى خلال سنوات معدودة استطاع الشيخ زايد بعد ذلك أن يحول هذه الأرض الصفراء إلى واحدة من أجمل البلاد ليس على مستوى العالم العربى ولكن على مستوى العالم أجمع وفى رحلة المنفى التى بدأت بعد انتهاء فترة سجن الرئيس السادات للولد الشقى السعدنى الكبير وتحديدًا فى يوم 15 مايو من العام 1973 ومنع السعدنى من الكتابة أو العودة إلى مؤسسة روز اليوسف قرر أن يسافر خارج الديار المصرية للبحث عن الرزق، وفى أبوظبى أصدر الولد الشقى جريدة اسمها «الفجر» لصاحبها وهو أحد أبناء دولة الإمارات العربية المتحدة عبيد المزروعى كان رجلاً شديد البساطة والطيبة معا وكانت الفجر موجودة قبل أن يتولى إدارتها السعدنى ولكن أحدًا  لم يسمع بها أو عنها وبعد أن صدر العدد الأول أصبحت «الفجر» هى الجريدة الأولى فى دولة الإمارات ولأول مرة فى تاريخ الدولة يظهر بائع الصحف فى الإشارات المرورية ونواصى الشوارع فقد كان هامش الحرية مرتفع لأقصى مدى وكتب فى «الفجر» كبار كتاب ومبدعى مصر واكتشف السعدنى قامات صحفية وفنية بديعة الأساتذة هدى منيب ومحمد العكش وأسامة عجاج وأسامة فوزى.. وأشاد بالمطبوعة فى ثوبها الجديد الكاتب الكبير مصطفى شردى والاستاذ جمال بدوى وكانا يعملان فى جريدة الاتحاد صاحبة الإمكانيات الرهيبة وأحدثت مقالات السعدنى ردود أفعال غير طيبة بالنسبة للقاهرة ولطهران معًا فقد كتب شعار الجريدة.. جريدة الضمير العربى..  والخليج العربى ولم تكن هذه التسمية تروق لشرطى الخليج فى هذا التوقيت الإمبراطور محمد رضا بهلوى شاه إيران وهكذا كتب علينا أن نعود إلى المربع صفر من جديد فقد غادرنا الدولة التى كانت هى أغرب بلد شاهدناه فى كل حياتنا ففى كل يوم هناك تغيير وهناك بناء وهناك عمران وهناك إنشاءات لا يمكن أن تجد لها مثيلاً فى العالم، لدرجة أن شقيقتى الكبيرة هالة وأنا رسبنا فى مادتين وكان علينا أن نعود إلى أبو ظبى بعد 3 أشهر لأداء امتحان الإعادة وعندما عدنا استقبلونا بحفاوة شديدة ووضعوا تحت أمرنا سيارة ولكننا ومعنا الولد الشقى لم نعرف مكان البيت الذى كنا نسكنه ولا المدارس التى كنا نتعلم فيها وندرس ونذهب إليها كل يوم.. لقد تغيرت المعالم تمامًا خلال 3 أشهر وكأننا فى إحدى الولايات الأمريكية وبطلوع الروح عثرنا على مدارسنا وأنهينا الامتحانات وغادرنا ونحن فى غاية الحزن على هذا البلد الجميل الذى كنا نقبض فيه مرتبًا شهريًا. باعتبار أن التلميذ من حقه نصيب من الخير القادم من إعماق الأرض وكان صاحب هذا الأمر هو الشيخ زايد الذى شجع الناس فى أبوظبى على إرسال الأولاد والبنات إلى المدارس ليحدث طفرة فى عملية التعليم ثم نقلة نوعية فى العملية التعليمية فقد كانت المنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة على قدر ما أذكر هى التى وضعت أنظمة التعليم والتى لم أشهد لها مثيلاً فى عالمنا العربى وقد اسعدنا ما شاهدناه فى أبوظبى وعلى بعد ساعة بالسيارة كانت هناك إمارة لها العجب ليس فيها نفط بحجم أبوظبى ومع ذلك فهى تزهو فى ثوب مخملى.. أنوارها لا تنطفئ.. تجارتها مفتوحة على بلاد الدنيا والميناء فيها يزخر بكل المراكب من جميع بلاد الدنيا وعلى رأسها

بلدان آسيا.. نعم كانت دبى تشبه مونت كارلو، بل انها مونت كارلو الخليج العربى منها خرجت أفضل استوديوهات التليفزيون والتى قدمت أعمالاً لكبار كتابنا وكبار فنانينا وكانت دبى هى كعبة كل أهل الفن ومعها عجمان التى ضمت استوديوهات رفيعة المستوى وعلى أحدث ما انتج العالم من تكنولوجيا فى هذا المجال وكانت الإمارة التى تسلبك من أعماق قلبك وتجعلك تشعر أنك لم تخرج من مصر على الإطلاق هى إمارة الشارقة.. فالشكل فى العمران والبنيان صحيح حديث وجميل ولكن النكهة مصرية، أنها بمذاق حى الدقى كما كان يقول الولد الشقى فى خمسينيات وستينيات القرن الماضى وفوق ذلك فإن غالبية الذين يعملون فى الشارقة من أهل مصر وحتى المقاهى والمطاعم هناك تقدم كل ما هو مصرى.

رحم الله الشيخ زايد أحد عشاق مصر العظام الذى وقف إلى جانب هذا البلد- مصر- باعتبار أنها رمانة الميزان فى أمة العرب لو انصلح حالها انصلح حال الأمة بأسرها.

وعلى درب زايد يسير الأبناء خليفة ومحمد وفى دبى محمد بن راشد وفى الشارقة سلطان بن محمد القاسمى.. تحية من القلب إلى شعب الإمارات الأصيل وإلى كل قياداته التى لم تغير مواقفها على مر الزمن.