رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

خارج السطر

الفنان نهر أمل وينبوع خير وشجرة قيم. ليس مُجرد مُقلدا أومشخصاتياً يعمل كأداة تسلية. ليس سمسار مواقف يبيع حضوره هُنا، ويروج لغيابه هناك. إن الفنان الحقيقى لا يجب أن يتحول إلى شخص شتام يضيق صدره إن غضب منه محبوه، وينفلت لسانه إن اختلف معه البعض.

أحببت محمد صبحى ولاأزال، ليس فقط لأنه كوميديانى المُفضل، ولا لروابط الذكريات الممتدة فى رأسى تُذكرنى بأيام ومواقف عشتها متداخلة مع بعض حياتى. ليس لأنه الأروع والأبرع فى الفن الحقيقى، ليس لأنه المنتقد الأجمل الذى قدم لنا شخصيات الثرى المهووس بالمال، والديكتاتور القاهر، وعابد النساء، والطيب الساذج، ولكن قبل كل ذلك لحزمة القيم التى عاش حريصا على تقديمها  سواء من خلال المسلسل الرائع «عائلة ونيس» أو غيرها من الأعمال الفنية.

يُزعجنى أنه انجرف تحت وطأة الانتقاد، ويُحزننى أنه تحول إلى منصة قصف غير مُنصفة عندما اختلف معه الناس حول زيارته إلى سوريا وقبوله التكريم من النظام السورى.

من حق الفنان محمد صبحى أن يدافع عن نفسه، أن يوضح موقفه، أن يرُد على انتقادات، ان يقول ما يرى، لكن ليس من حقه السب والقذف واتهام الآخرين فى عقولهم وأخلاقهم.

جُثث بعشرات الآلاف، ومخازى وفظائع ارتكبها نظام بشار، واعدامات وجرجرة للبلد والناس نحو دوامة العنف وعواصف الارهاب،هو ما جعل كثيرين رافضين لزيارة صبحى لسوريا.

ذهب محمد صبحى إلى دمشق أم لم يذهب، صافح القتلة أم لم يُصافح، جامل المسئولين هناك أم لم يجامل، صفق لبشار أم لم يفعل،  كل هذا لم يُدهشنى، هو حُر فى اختياراته وقناعاته ومواقفه، لكن ما أدهشنى حقيقة أن يخرج الفنان المُهذب، مُعلم القيم، والداعى للتسامح لينفجر فى وجه منتقديه قائلاً : إن المنحطين أخلاقيا غضبوا لأننى زرت سوريا.

كيف يرى المُبدع الجماهيرى الذى كان مرشحا لمنصب وزير الثقافة أنَّ المنتقدين لزيارته لسوريا مُنحطون اخلاقيا ؟ كيف يُسمى فى حوار صحفى المختلفين معه بالجهلاء ؟ كيف يدعى أنه يرى بكل هذا الوضوح مخططات تقسيم العالم العربى ويختار  دعم أنظمة وسلطات بعينها فى وقت طال الغبش كافة الأنظمة وكثيرا من الزعامات ؟

قال محمد صبحى فى معرض ردوده على منتقدى سفره إلى سوريا « إن  كنتم سوريين فالأولى والأشجع أن تذهبوا إلى هناك لتغيير النظام وإن لم تكونوا سوريين  فعليكم أن تتركوا النظام لأهل البلد، فهم كفيلون به».

منطق ملتو واسلوب غريب للحوار مع الضفة الأخرى. لو أنت غير سورى ليس من حقك أن تفتح فمك، لا حقوق الانسان ولا الضمير الجمعى يمنحك هذا الحق. لا تتكلم عما يحدث فى سوريا ولا تتكلم عما يحدث فى اليمن والعراق واترك كل اقليم لأهله. كأن مصر مُنفصلة عن عالمها العربى لا تتأثر ولا تؤثر، وكأن الصمت هو الرد الوحيد المنتظر لما يحدث حولنا.

شكراً للأزمات والمطبات والقضايا الشائكة فهى معيار كاشف لقدرتنا على تحمل الرأى الآخر، وهى مصباح فاضح للأحادية والغطرسة والحدة فى تعاملنا مع المختلف معنا.

والله أعلم.

[email protected]