رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

فى كل يوم وأنت تستخدم مؤشر البحث جوجل عبر الشبكة العنكبوتية، لا تفكر ولو للحظة أنك تحقق أرباحًا طائلة لتلك الشركة؛ وتثبت أقدامها فى عالم السيطرة على مقدرات الشعوب السياسية والاقتصادية؛ وهذا ما ينبهك إليه المؤلفان تورستن فريكه وأولريش نوفاك فى كتابهما «ملف جوجل».

ومن أهم النقاط التى يكشف فيها المؤلفان الوجه القبيح لجوجل هو ما تستخدمه الشركة فى التجسس على البيانات والمعلومات الخاصة بعامة الناس حول العالم؛ ولعل ما حدث فى عام 2010، أكبر دليل على ذلك فيما عرف وقتها باسم (صور جوجل ستريت)، حيث قامت الشركة بإطلاق العديد من السيارات فى مناطق عديدة لتصوير الأبنية والمنازل والشوارع، مما أثار شكوك العديد من الأفراد الذين اعتبروه بمثابة الاختراق للحرية شخصية؛ وازدادت الأزمة حدة مع اكتشاف قيام تلك السيارات باختراق الشبكات اللاسلكية غير المؤمنة، والحصول على الكثير من البيانات الخاصة لمستخدميها محققة بذلك أرباحًا وصلت إلى ما يقرب من 13 مليار دولار.

 ومع أن الشركة نفت تلك القصة فى البداية، إلا أنها اعترفت فى النهاية بها، مبررة ذلك «بالخطأ العفوى»؛ وبعد تحقيقات ومرافعات استمرت لنحو عامين، تصالح محامو الدفاع مع الشركة بعدما دفعت سبعة ملايين دولار من أصل مكاسب 13 مليار دولار. وفى نوفمبر من عام 2013، اتهمت جوجل بمراقبتها بشكل غير شرعى لسلوك ملايين الأفراد وهم يدخلون على الشبكة العنكبوتية من خلال متصفح سفارى التابع لشركة آبل، وأنها خزّنت ما جمعته من معلومات عن هؤلاء الأفراد، وقد استطاعت جوجل أن تتوصل إلى تسوية مع المدعى العام بعدما دفعت غرامة مالية بلغت 17 مليون دولار.

والطريف أنه عندما وجه سؤال لجوجل عن السبب الذى جعلها تؤيد باراك أوباما فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية، كانت الإجابة: «لأننا لاحظنا، من خلال ما تجمع عندنا من بيانات، أنه هو الذى سيكون الرئيس فعلاً، وعلى خلفية ذلك، اتخذنا كل الترتيبات الضرورية لأن يتبوأ هذا المنصب». وهذا يؤكد أن جوجل مخترقة للمجال السياسى وصارت تلعب دورًا مؤثرًا فى توجيه الرأى العام، وقد أدى ذلك كثيرًا إلى تضليل الناخبين؛ ودفعهم فى اتجاه بعينه، وقد ظهر ذلك بشكل واضح فى نتائج دراسة أجراها خبير العلوم السيكولوجية الدكتور روبرت إبشتاين فى سياق دراسة تم نشرها فى عام 2014.

وللأسف أن للشركة آثارًا سلبية أخرى غير اللعب الخفى فى أروقة السياسة على رأسها تراجع قيمة المعرفة والبحث العلمى؛ فقريباً، لن يكون من الضرورى قراءة الكتب أو المقالات التى يكتبها أحد المؤلفَين، بل ستتلخص المعرفة فى مجرد المرور على النصوص مرور الكرام فقط، وعدم الوقوف عندها طويلاً، والاكتفاء بمراجعة مفردات رئيسة، شديدة الاختصار ومستهدفة بحد ذاتها.

وشركة جوجل، التى تعد من أهم الكيانات المعلوماتية الكبرى فى العالم، المتميزة باحتكارها لمصدر مالى تتدقق منه الأرباح بشكل متزايد من عام إلى آخر، وهيمنته تكاد تكون تامة على وسيلة تترسخ أهميتها من يوم إلى آخر والملايين، يستخدمونها كيانًا ضخمًا يتوسع بشكل يومى، ليفرض سيطرته على المزيد من الشركات والمؤسسات ويُدخلها ضمن نطاق سلطته وهيمنته. وعالم البيانات الذى تعمل فيه جوجل حالياً، أكثر قيمة وفائدة من عالم النفط والمحروقات الذى كان حتى وقت قريب هو المجال الأكثر اجتذابًا للاستثمارات فى العالم. وجوجل التى تغيّر نمط حياتنا اليومية وتتدخل فيها بكل قوة مستقبلها يبدو مزدهرًا بشكل لا يمكن تخيّله، فإن باستطاعتها أن تصبح مستقبلاً أول شركة مسجلة فى بورصة أمريكية يزيد رأس مالها السوقى على تريليون دولار أمريكى.

وتحكم جوجل فى العديد من مفاصل شبكة المعلومات الدولية، قد أسفر عن تحقيق سلطان عظيم لهذه الشركة وتمخض عن كنوز مالية كبرى، حتى صار فى مقدور تلك الشركة توسّيع نفوذها التجارى فاستحوذت على مئات الشركات وأصبحت تساهم فى رؤوس أموال عشرات الشركات. ومنها موقع اليوتيوب الذى يُعتبر أكثر مواقع الفيديو حظوة عند الجمهور على مستوى العالم.