رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

خارج السطر

لا أجد غضاضة أن أختلف كمسلم مع رأى الأزهر فى تحريم تجسيد الأنبياء على شاشة السينما. رحابة الإسلام تمنحنى القدرة أن أقول إن الفن أداة دعوة ووسيلة دعاية، وما دام الهدف عظيماً، والنية سليمة فإنه يمكن تقديم حياة الأنبياء كأمثلة يحتذى بها للبشر.

هكذا كان يفكر علماء الإسلام المستنيرون من أمثال المجدد العظيم محمد عبده عندما يقيّمون ما يحتمل الاجتهاد، فكل عمل يؤدى إلى خير الناس وصلاحهم هو عمل جائز شرعاً، بل وواجب، وكل ما يقود إلى عبث وشر وهلاك البشر، فهو شائن ومذموم.

فى العالم المتقدم تدور ماكينة السينما للترويج للسياسات ونشر الأفكار وتمجيد الأمم والدول والرجال العظماء، ولا شك أن كثيراً ممن خلدهم التاريخ جاء تخليدهم بعد أن صورتهم السينما وأعادت إحياءهم.

أما فى بلادنا الفقيرة فى المعرفة، المترددة فى الاجتهاد، والمتجمدة عند قرون الإسلام الأولى، فما زال الدين مقيداً بأربطة زمن الناقة والفرس، وما زالت فتاوى وأحكام الأئمة العظام أبوحنيفة، الشافعى، وابن حنبل، وابن تيمية، وابن القيم تحكم زماننا.

لقد ذكرنى إصرار البعض على إقحام الأزهر فى التحكم فى إظهار بعض الشخصيات الدينية أو منعها فى أعمال فنية بالسؤال المتكرر بين علماء الفتوى فى الأزهر خلال القرن الثامن عشر الميلادى عن حكم شرب القهوة. لقد كانت القهوة مشروباً جديداً يساعد على تنبيه شاربيه، واختلف الناس حول حكمها، حتى أفتى قضاة وعلماء أزهريون بحرمتها تماماً، بل اعتبرها البعض أشد حرمة من الخمر.

أفكر فى مغزى ما انتهى إليه علماء الأزهر من إصرار على عدم تجسيد الأنبياء، اُفتش فى نصوص القرآن وصحيح السنة فلا أجد ما يمنع ذلك، فالسينما والتمثيل لم يكونا على عهد النبى أو خلفائه الراشدين أو فقهاء القرون الأولى الذين توقف عندهم الاجتهاد.

إننى لا أتصور أن يضار الإسلام بإنتاج فيلم عن مُعلم البشرية سيدنا محمد، أو غيره من الرسل الكرام، ولا أعتقد أن يخسر الدين شيئاً بظهور مَن يؤدى دور سيدنا نوح أو موسى. لقد أنتجت السينما العالمية عشرات الأفلام عن الرسل والأنبياء وقدمت تصويراً رائعاً لحيوات هؤلاء العظام، لكن تم ذلك من منظور غربى. فى فيلم آلام المسيح كان التصوير مُبهراً، وكان التلقى من جانب الجمهور عظيماً، وسار الفن فى خط مواز لقدر السيد المسيح لدى العالم الغربى.

ولا شك أن الفيلم الشهير المعنوّن بـ«الرسالة»، الذى منع الأزهر دخوله مصر لسنوات طويلة بسبب ظهور حمزة بن عبد المطلب فى أحد مشاهده، كان له أثر عظيم فى اعتناق كثير من غير المسلمين للإسلام. ولا شك أن المسلسلات الإيرانية التى أظهرت سيدنا يوسف والسيدة مريم لعبت دوراً إيجابياً فى إثراء العاطفة الدينية لدى قطاع كبير من المسلمين، كما مثلت مرحلة جديدة فى الإبداع الفنى الإيرانى. هذا، والله أعلم.

[email protected]