رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

خارج السطر

الشائع والرائج فى سوق الجهل العربى أنَّ العلمانية كُفر، وأنَّ كل علمانى زنديق، جاحد بالدين ورافض لمبادئه، وتلك آفة من آفات العقل العربى الذى لا يُدقق ولا يُحلل ولا يبحث.

قبل أيام أجرت قناة «بى بى إس» الأمريكية حواراً مع يوسف العتيبة سفير الإمارات فى واشنطن ذكر فيه أن ما تريده بلاده ومصر والأردن حكومات علمانية مزدهرة ومستقرة بعد عشر سنوات، وهو يتعارض مع ما تريده قطر التى تدّعم أنظمة وجماعات دينية مثل طالبان وحماس والإخوان المسلمين.

واعتبر عدد من المتثاقفين والمتأسلمين ما قاله «العتيبة» صرخة هلاك، وأقاموا الدنيا وأثاروا اللغط والشكوك حول إيمان الرجل، وكأن العلمانية هى نقيض للإسلام وكأن العلمانى عدواً للدين، جاحداً لله.

هذه لعبتهم مُنذ تاجروا بالله وكلامه مُنذ قرون وقرون. التلاعب بالمصطلح ونشره بعد إعادة تعريفه لتصبح العلمانية فصل الدين عن الحياة. مّن قال ذلك؟ والمصطلح ولد فى الغرب لإبعاد رجال الدين عن السياسة وليس الدين نفسه. وتعظيم الإسلام وتنزيهه يقتضى إبعاد رجال الدين عن الدولة وعن السياسة، لأن الإسلام لا يعرف سلطة لرجل الدين على الحياة سوى النصح والإرشاد. الفقيه فى الإسلام لا يحكم، والشيخ لا يسوس الناس.

والحقيقة فإن الإسلام نفسه دين علمانى بحت، بمعنى أنه أطلق حرية الاجتهاد لبنى البشر فى أمور الحكم فلم يُحدد نظاماً للحكم، ولم يضع قواعد أو قوالب لاختيار الحاكم، أو مساءلته أو عزله، وإنما ترك الأمر لاختيار المسلمين أنفسهم.

لقد كان آية الله الخومينى يقول إن الذى ينادى بالفصل بين الدين والسياسة لا يفهم فى الدين ولا يفهم فى السياسة، حتى يتسنى له تطبيق مبدأ «ولاية الفقيه» لإحكام أيدى رجاله على كافة كيانات الدولة تحت مفهوم رجال الله هم الأولى بالحكم.

تلك آفة المُتسلطين على الناس باسم السماء، يسوسون الناس وكأنهم وكلاء الله فى أرضه، ويصورون أى معارضة لهم أو اختلاف معهم كأنه اختلاف مع الله ودينه.

ما قاله السفير الإماراتى فى واشنطن أمل وأمنية وحلم نتمنى أن يسود فى عالمنا العربى المنشغل بمذابح الأخوة ضد الأخوة تحت لافتات وكلاء الله. العلمانية ليست كفراً وزندقة وإنما هى تنزيه للإسلام أن يتحول إلى أدوات لنيل مكاسب دُنيوية لجماعات أو أفراد بأعينهم.

وحسبنا أن نتذكر عندما خاض أستاذ الأجيال أحمد لطفى السيد الانتخابات سنة 1913 فما كان من منافسه إلا أن أشاع بين الناس أن الرجل «ديمقراطى» وأن الديمقراطية هى الكفر بعينه، وشاع الحزن بين الناس الذين أحبوا «لطفى السيد» لطيبته وضربوا كفوفاً بأخرى وهُم لا يصدقون ويقولون «الحلو ما يكملش». وعندما عقد الرجل مؤتمراً انتخابياً سأله أحدهم إن كان حقاً «ديمقراطى» فرد بالإيجاب، فلعنه الناس وسبوه قبل أن ينفضوا من حوله وأسقط بعدها فى الانتخابات.

فطوبى للذين يبحثون ويقرأون ويتعلمون. والله أعلم.

[email protected]