عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

القوة الناعمة المصرية كانت حاضرة بقوة في جميع البلاد العربية والإسلامية منذ البدايات المبكرة للقرن الماضي «القرن العشرين». كانت هذه القوة الناعمة تتجسد في صحف ومجلات وكتب تحمل إلى المثقفين العرب الابداع الأدبي والثقافي لأدباء ومفكرين عمالقة. و ساهمت الأغنية والمسرح في تعزيز هذه القوة الناعمة فقد كان للمسرح المصري دوره في هذا السياق بجولات تنظمها الفرق المسرحية المصرية في البلاد العربية.

وعندما عرفت مصر البث الاذاعي في عشرينيات القرن الماضي وتعززت قوة البث لتصل الى البلاد العربية في السنوات التالية اتسعت دائرة تأثير عناصر القوة الناعمة ليصل هذا التأثير الى الجماهير العربية العريضة في جميع البلاد  العربية.

وعندما رفع السياسيون شعارات «الوحدة العربية» وتبنت قوي سياسية عربية كثيرة في جميع البلاد العربية الفكر القومي العربي، كانت الجماهير العربية مهيأة لتقبل هذا الاتجاه القومي والوحدوي بفضل المناخ الذي أنشأته القوة الناعمة المصرية.

ومع كل تقدم تكنولوجي في مجال الاتصال الجماهيري كانت فكرة القومية العربية والوحدة العربية تكتسب زخمًا كبيراً بلغ ذروته بتطور البث الاذاعي والتليفزيوني وبلغ ذروته بالبث الفضائي.

يعنيني هنا أن أسجل أن القوة الناعمة المصرية استطاعت أن تستثمر سهولة وسرعة الانتشار سواء على الصعيد الجغرافي أو على الصعيد الاجتماعي حيث أصبحت عناصر هذه القوة قادرة على الوصول بسهولة إلى أقصى بقعة في البلاد العربية، وأصبحت متاحة بتكلفة مادية بسيطة لكل الجماهير العربية.

وهنا أتوقف أمام أحد أهم هذه العناصر  وهي «الدراما» الاذاعية والتليفزيونية. فقد ظلت الدراما المصرية هي المادة الدرامية الأكثر قبولاً لدى الجماهير العربية العريضة وبالتالي كانت الشاشات العربية تتسابق على عرض هذه الدراما.

اليوم تعاني الدراما التليفزيونية من تراجع واضح ولم تعد الشاشات العربية متحمسة لعرض هذه الدراما.

والسؤال الطبيعي الذي يفرض نفسه هو: هل فقدت الدراما المصرية أسواقها الطبيعية نتيجة لعدم وجد العناصر الفنية الممتازة التي تضمن انتاجا درامياً متميزاً؟ الإجابة التي تستند إلي واقع لا ينكره منصف أن مصر لم تزل تمتلك أفضل المواهب وأحدث مبتكرات الانتاج لكنها بكل أسف تهدر كل هذه الامكانات باستسلام مسئولي الفضائيات لتوجهات شركات «الإعلان» التي ترفع شعارات الاثارة بكل الوسائل مهما بلغ انحطاطها.

ورغم الانتاج  الغزير الذي يتزاحم على الشاشات المصرية خلال شهر رمضان،  نلاحظ هبوطاً فنياً بشعاً في مستوى الدراما المصرية باستثناء أعمال محدودة للغاية كتب النقاد وأثار المثقفون هذه القضية طوال السنوات القليلة الماضية، لكن سطوة «الإعلان» استطاعت أن تبقي الدراما المصرية على حالها من التفاهة والانحطاط.

ولو أن المشكلة محصورة في خسائر مادية يمكن أن يتحملها منتج أو قناة فضائية لهان الأمر.

الخاسر الأكبر من تراجع الدراما المصرية وانهيار مستواها ـ رغم توفر كل عناصر الابداع الراقي ـ هذا الخاسر هو «مصر» التي تخسر أحد أهم عناصر قوتها الناعمة، في وقت هي أشد ما تكون حاجة إلى تنمية وتعظيم هذه القوة الناعمة.

والحل؟! في تصوري الحل معلق في رقبة وزير الثقافة وأؤكد هنا أن تخلي وزارة الثقافة عن دورها باعتبارها مسئولة عن الفنون، هذا التخلي عن مسئوليتها وترك أمر الدراما للجهات المسئولة عن «الإعلام» هذا هو مربط الفرس كما يقولون.

الدراما نشاط ثقافي بكل المعايير وعلى وزارة الثقافة ان تتقدم لتتحمل مسئوليتها لإنقاذ الدراما المصرية وبالتالي لإنقاذ أحد أهم عناصر «القوة الناعمة المصرية» من انهيار وشيك.

ولا أطلب من وزارة الثقافة أن تتحمل أعباء مادية فوق طاقتها أو أن تعيد «الرقابة» التي أرفضها تماماً، المطلوب ان تدعو وزارة الثقافة المعنيين بهذه الدراما الى مؤتمر عام يتم الاعداد له بعناية ويتم اختيار من يشاركون فيه من المثقفين والفنانين والمنتجين المعنيين بإنقاذ هذا الفن.

فهل تتحمل وزارة الثقافة هذه المسئولية أم أنها تؤْثر تجاهل المشكلة باعتبارها مسئولية المؤسسات «الإعلامية» بقوة الأمر الواقع؟!