رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

إشراقات

 

قولي يا أستاذ..إزاي أشتري عيش حاف لاولادي..بعشرة جنيهات فى اليوم الواحد؟!

سؤال ذبحني به ..حارس العقار الذي اقطن فيه..عندما طلبت منه الذهاب للمخبز لشراء العيش الحر لأسرتي..فاخبرني بأن المخبز البلدي.. اصبح لا يبيع العيش الحر..واقتصر عمله على اصحاب بطاقات الخبز فقط.. وكان هذا الحارس البائس..وكذلك أنا شخصياً من ضحايا هذا القرار الجائر.

الصراحة فوجئت بسؤال الحارس ..قولي يا استاذ إزاي اشتري فى اليوم الواحد لأولادي..بعشرة جنيه عيش حاف بس؟

طبعاً عجزت عن الإجابة.. عن سؤال حارس العقار..لأنني أنا شخصياً لا امتلك بطاقة خبز أيضاً..وكنت اشتري العيش الحر..الأربعة ارغفة بجنيه واحد..ثم قامت المخابز برفع السعر من شهور قليلة حتى أصبحت الثلاثة ارغفة بجنيه !!

ومع ذلك حمدنا الله تعالي وقلنا يكفي ان الخبز موجود.. لكن ما حدث أمس صدم الحارس المسكين كما صدمني تماماً. .واصبح السؤال الحائر..ازاي نعيش بالشكل ده؟!

وهكذا اضاف هذا القرار الجائر..معاناة فوق معاناة المواطنين..خاصة لمن لا يمتلكون بطاقات خبز..ويشترون العيش الحر..فقد اصبح عليهم شراء الخبر السياحي..والذي يباع منه الصغير بنصف جنيه..والكبير بجنيه كامل.

قالوا لنا ان هذا القرار الحكومي هدفه..منع قيام أصحاب المخابز ببيع الدقيق المدعوم فى السوق السوداء..فأصبحوا الآن يشترون الدقيق بالسعر العادي..أى سعر السوق..فلا مجال لإعادة بيعه مرة أخرى للتكسب منه.

طيب يا سادة..هل لو هناك رقابة تموينية حقيقية.. على اصحاب المخابز..هل كان فى إمكانهم بيع الدقيق فى السوق السوداء..وتحقيق أرباح خيالية على حساب الناس الغلابة؟!

هتقولي استحملوا..ده إصلاح اقتصادي واجراءات ..كان لا بد من اتخاذها..حتى نصلح الحال المايل للاقتصاد المصري..هقولك سمعا وطاعة..لكن اذا كان الإصلاح الاقتصادي بمثابة الدواء المر..فينبغي منحه للمريض على جرعات..وعلى وقت محدد.. ولكن لو منح الطبيب زجاجة الدواء وقال للمريض. .اشربها مرة واحدة..لهلك المريض ومات فوراً. .وليذهب الطبيب المعالج في ستين داهية. .بتهمة قتل المريض.

إذًا «إصلاح» الاقتصاد ينبغي ألا يكون على حساب «إفساد» حياة البشر.

فينبغي عمل دراسة متأنية..لآثار كل قرار اقتصادي. .وخاصة تأثيره على المواطنين الغلابة..وهم الآن الشريحة الأكبر من الشعب المصري..بعد أن هوت الطبقة المتوسطة. .بسرعة الصاروخ الى هاوية الطبقة الفقيرة..بعد تحرير سعر الصرف. وهو الإجراء الكارثي. .الذي كان ضرورياً. .لكن كان لا بد ان تسبقه اجراءات ..تتخذ لحماية محدودي الدخل..كما اعترف بذلك صندوق النقد الدولي. .وقال: لقد اخطأنا فى توصيتنا للحكومة المصرية باتخاذ قرار..بتحرير سعر الصرف..دون اتخاذ إجراءات لحماية محدودي الدخل..مما ادي لزيادة معدلات الفقر فى مصر. .وزيادة معاناة الفقراء فيها.

يا سادة اصلحوا الاقتصاد كما تحبون.. ولكن ليس على حساب إفساد حياة الناس.. فلا ينبغي ابدا ان يتحمل الفقراء - وحدهم - فاتورة الإصلاح الاقتصادي.

انظروا لتبعات كل قرار تتخذونه..وراعوا الله فى فقراء مصر..وضعوا أنفسكم مكان هذا الحارس البائس..وأجيبوا علي سؤاله: كيف سيشتري عيش حاف لأولاده الخمسة..بعشرة جنيهات فى اليوم الواحد؟!