عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الإرهاب: طاعون العصر، الوباء الكاسح الذي لم نعثر له على علاج حتى الآن، المرض الباثولوجي الذي يتغذي على حرق الأخضر وتفجير اليابس وتحطيم التاريخ وتدمير الفكر والنفسية الإنسانية وأسس الحياة.

 يكره البهجة والابتسام والتغيير والإبداع، ويعشق الظلام والدماء والتشفي والحقد واللعب في العقول، يتقافز بين التفجيرات والاغتيالات والجثث والتكفير والتحريم والاكتئاب، يعيش تحت الارض ويختبئ في الشقوق ويتبني الأفكار الجامدة والهدامة، يمتلك المال والسلاح والحجج البالية، يمرح في اللعب داخل دماء وشرايين وقلوب المجتمعات، وينهش في العقائد والأديان والمعتقدات.

إنه: هامس: شديد الضجيج، مظلم قوي التفجير، باكٍ: منعدم البهجة، صامت: لا يمكن التنبؤ به، بدائي: يكره الحضارة.

هذه هي الرحلة الإبداعية التى يخوضها الدكتور العلامة: شاكر عبدالحميد، داخل هذه العقول والأفكار والنظريات وفي هذا الموضوع الشائك الذي يمزقنا كل يوم، من خلال كتابه وبحثه القيم: التفسير النفسي للتطرف والإرهاب. والذي صدر كمرافق لجريدة القاهرة منذ فترة قريبة.

فداخل جماجمنا البسيطة، نفكر ما الذي يجعل شخصا ذات يوم يتحزم بحزام ناسف ويفجر نفسه في كنيسة أو كمين شرطة- هنا داخل مصر مثلا، وكيف لشاب آخر – وهو أحد اللاجئين السوريين، والذي يلقي بنفسه في حضن أوروبا  فارًا من الحرب، أن يقوم أيضًا، بتفجير نفسه داخل ملهي بفرنسا أو محطة مترو بلندن، عندما يكتشف رفض طلب لجوئه أو مغايرة الحياة له، أو لأفكاره، أو حتي – كراهية - بسبب رؤيته لعالم يتحرك ويتطور وينتج فلا يستطيع عقله – الضيق – أن يتخيله أو يراه.

كل هذه الاسئلة التي تقلقنا وتمزق بهجتنا وهدوء أيامنا، ليس كأناس عاديين بل كساسة ومنظمات ومجتمعات وحضارة تريد أن تتقدم وتسير ولا يعرقلها شيء. فهو في بحثه يجذبنا كي نري ما لا نريد أن نراه، ونفهم ما يصعب على عقولنا استيعابه، لنكتشف أن التطرف يساوي الاعتدال، وأن التطرف لا يرتبط بدين دون غيره، رغم شيوع سلوكيات التطرف لدي الكثير من المسلمين الآن!، وكيف أن التطرف من أسسه تقسيم وتنميط البشر إلى نحن والآخرين: هم، سواء كانوا «هم» بشرا عاديين أو قادة، أو جيوشا أو مجتمعات أو حتي أفكارا، وبالتالي تصبح الحياة أبيض أو أسود زنجي، أو مسيحيا أو مسلما، أو سنيا أو شيعيا، كما يشرح كيف يتم تجنيد هؤلاء الشباب، وكيف يتم شيطنة الآخر المختلف، وتكفيره أيضًا، مستدلا بكثير من الرؤي والشهادات لعلماء نفس وعلماء اجتماع وتجارب حقيقية على مستوي العالم، فيلجأ مثلاً إلى قول العالم «جون كارديتال نيومان» والتي تقول: آه، كيف يمكن أن يكره بعضنا بعضًا هكذا تحت زعم محبتنا كلنا لله».

ويشرح لنا كيف يمكن تحويل الإنسان إلى وحش أو مسخ مجرد من الإنسانية، وإلى كائن متطرف يمارس العنف كما يمارس الاشخاص الطبيعيون لعب كرة القدم.

ويتساءل في بحثه عن قضية هامة وهي: لمن ينتسب الإرهاب؟ خاصة محاولة الغرب وكثير من أنظمته إلصاق هذا الداء الخطير بالإسلام والمسلمين أو بالمنطقة العربية الآن، متغاضين عن كل ما فعله اليهود أو المتطرفون الهندوس أو كثير من الجماعات الديانية والعقائدية خلال أحقاب التاريخ.

ولأنه لا يمكن الحياة دون عدو حقيقي أو متوهم، لذا حل الاسلام أو المسلمون مكان الاتحاد السوفيتي أو الشيوعية في التصور الغربي. وبالتالي فإن الإرهاب ليس له دين محدد، فلا يصح أن يتلبس هذا الدين الاسلامي الآن رغم كل ما يحدث.

سيظل الإرهاب ظاهرة يصعب التنبؤ بحدوثها، ولا يمكن توقعها، ونقصد هنا – كيف يمكن لك أن تتنبأ بتفجير ما أو محاولة ناسفة؟، ومع ذلك يؤكد لنا كيف يمكن محاصرتها وعلاجها من الجذور إذا أردنا ذلك.

حيث يدلنا الدكتور شاكر على الحل، والعلاج، ويضع لنا شمسا جديدة فوق سماء أيامنا المظلمة والكابية، لهذا الوباء، عندما يخبرنا أن الإبداع والموهبة والفنون والثقافة الحقيقية القائمة على المكاشفة والتصحيح الذاتي والمرونة السيكولوجية للمجتمع تجاه قضاياه الكبري والتركيز على المستقبل، هي روشتة للعلاج ضد هذا المرض الذي ينهش في عقل وضمير الإنسانية.