آفة الصحافة
الصحفى الإسرائيلى "جدعون ليفى" كتب مقالة تحت عنوان : " مَنْ يبصق على مَنْ " يقول فيها : " سافرت مع زميلى المصور " أليكس ليبك " إلى قرية " ارتاح " جنوب "طول كرم" للوقـوف على واحدة من قصص روايات جرائم الإحتلال ، قصة مُثيرة ومُحزنة ، وعندما قررنا العودة الى بيوتنا فى تل أبيب فوجئنا بجنود الإحتلال على الحاجز 407 ، أستوقفونا فأبرزنا بطاقتى الصحفيين ، وشرحنا لهم اننا اعتدنا منذ سنوات الدخول الى أى مكان فى الضفة الغربية .
استمرت مسرحية هزلية سخيفة حتى المساء ، أوقفنا الجيش الإسرائيلى لمُدة سبع ساعات ، صادروا مفاتيح سيارتنا ووثائقنا الشخصية ، ومنعونا من مُغادرة السيارة حتى لدقيقة واحدة ، أدخلونا بعدها الى إخطبوط حديدى مُدرع ، ثم اقتادونا بعدها الى مركز شُرطة يبعُد ساعة تقريباً عن الحاجز 407 ، وبينما نحن فى الطريق تذكرت الأطفال الفلسطينيين الذين تقبض عليهم الشرطة الإسرائيلية وماذا يحدُث لهم داخل ذلك الأخطبوط الحديدى .
تحقيقات واستجوابات مُستمرة وكأننا من عُتاة المجرمين ..بصمات أصابع .. تصوير فوتوغرافى. وكلما نسأل رجال الشرطة شيئاً أو نستفسر نسمع فقط إننا " مُحتجزون " تلك الكلمة التقليدية التى لا تستند لحقائق أساسية قانونية وتستخدم عند التوقيف ، وعندما طلبنا الذهاب للمرحاض صرخ مُسجل الأحداث : " ممنوع بدون مُرافق ، وأتبعها بأننا نهدد أمن الدولة .
مركز الشرطة اسمه "أريئيل " وهو مكان جدير بالتوقف عنده : صورة حاخام على أحد جُدران غرفة التحقيق ، ورجُل كثيف الذقن يتجول داخل المركز يعرض على رجال الشرطة أنواع كعك ، ويسألهم اذا كانوا أقاموا الصلاة .
أخيراً قالوا لنا : أمر القائد العسكرى هو ان تهمة الإحتجاز هى ( إهانة جُندى ) أمر يدعو للسخرية ، أليس فى كتاب القوانين بند ( إهانة صحفى ) ؟! . . وكُنا قد سمعنا عبر الهاتف فى حديث لأحد الجنود مع قائده العسكرى من جيش اسرائيل وهو يمليه التهم التى ستلصق بنا فى محضر الاستجواب ، وقد كانت هى: البصق على الجنود .
جدير بالذكر ان هذه التهمة يستخدمها الجيش الاسرائيلى منذ حادث معروف بـ " مزال الباصقة " وهو اسم فتاة من منطقة يام بات ( يام بات (بالعبرية:בַּת יָם) هي مدينة تقع بمقاطعة تل أبيب على ساحل البحر الأبيض المتوسط.
انها تهمة سهلة مُعلبة أى سابقة التجهيز على غرار الوجبات الجاهزة ، مثل ما تعلنه قوات الاحتلال دائماً من فبركة اتهامات لأى فلسطينى يتم القبض عليه " على انه استل سكيناً عند الحاجز أو أنه هددهم قبل ان يقتلوه بلحظات ، انها لوثة عقلية مُصابة بها الشرطة فى المناطق المُحتلة وجيش الدفاع الاسرائيلى.
نوايا السلطات واضحة اسجلها للتاريخ فهى :اغلاق الضفة الغربية أمام التغطية الإعلامية حتى لا يتم فضحهم عالمياً ، وعدم تسهيل عمل الصحفيين الاسرائيليين وذلك يتم بشكل ممنهج منذ سنوات . ويضيف : أطلق سراحنا فى المساء ، وأعادتنا مُحنزرة عسكرية للشرطة عند الحاجز 407 ، وما تزال جرائم الاحتلال الاسرائيلة مُستمرة .
لقد جعل الكاتب الإسرائيلى "جدعون ليفى" من مقالاته فى جريدة "هاآرتس" آفة صحفية على حكومة اسرائيل ، لا يكشف الوجه القبيح للاحتلال فقط بجرأة ، لكنه من خلال مُمارسة حقه الطبيعى فى التنقل والقيام بعمله الصحفى يضع اسرائيل فى مواقف إدانة قانونية وأخلاقية ، تُثبت ان ما تدعيه حكومة الاحتلال كذباً ، بانها الدولة الديمقراطية الوحيدة فى منطقة الشرق الأوسط ، أمر باطل ، وليس إلا غطاءاً لمُمارسات تخالف القوانين الدولية والإنسانية ، ليست فى حق الفلسطينيين فقط ، ولكن ضد الاسرائيليين أنفسهم ، وكل من يخالف نظام الإحتلال العُنصرى .