عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

إذا تحدثت عن الطرق، فأستطيع ان أؤكد لك أننى من دراويش النظام فى هذا الموضوع. أحيانا أود أن أصرخ فى وجه من يعارضونه ألا ترون ما يتم من إنجاز لشبكة طرق لم تشهدها مصر من قبل. بينى وبين نفسى أرفع دوما شعار" اعطنى طريقا أصنع لك حضارة". غير أن رحلة على طريق الضبعة الجديد جعلتنى أكاد أفقد الثقة فى صواب رؤيتى وضرورة أن أراجع نفسى وآخرين فى إيمانى ذاك.

كانت البداية سفرة إلى الساحل الشمالى قررت معها أن أسلك طريق الضبعة رغم مناشدة الآخرين أن استخدم طريق وادى النطرون - العلمين. كنت أريد أن أمتع ناظرى بطريق جديد أراه يفتح آفاقا جديدة للتنمية فى مصر، فضلا عن إختصار المسافة بنحو 100 كيلو كما كنت قد قرأت من قبل عن أن الطريق يوفر هذه المسافة للمسافر إلى مطروح.

فى بداية الرحلة رحت أشعر بقيمة العلم ودوره فى إتاحة الفرصة لاختصار المسافات وتحقيق الإنسان لإنجازات مختلفة على الأرض. غير أننى بعد عدة كيلو مترات فوجئت بأن المسافة إلى الضبعة تتجاوز 280 كيلو مترا وليس 180 كيلو كما تخيلت. لم يكن هناك بد من استكمال السفر، فالعودة لطريق آخر بديل لم تعد ممكنة، وتجربة الطريق فى كل الأحوال محببة ومطلوبة.

الطريق موحش، لا توجد عليه خدمات باستثناء محطتى وقود، وهو أمر يبدو لى مقبولا فى ضوء حداثته. عندما اقتربت من العلمين متوجها إلى إحدى قرى الساحل حيث أجمد بحر هناك، رحت أحسب المسافة بين منزلى ووجهتى فوجدت أنها تزيد عن طريق وادى النطرون بنحو خمسة وسبعين كيلو مترا. كان السؤال الذى فرض نفسه - وأنا هنا لا أفتى فلست خبيرا فى الطرق وإنما أتساءل وانتظر تفسيرا لو كان الأمر ممكنا: ما الحكمة من إنشاء طريق الضبعة بكل هذه التكلفة التى تم إنفاقها عليه؟ كانت الإجابة المفترضة التى سمعتها تتردد فى أجواء السفر : إضافة محور تنموى جديد! كان ردى : ألم يكن من الأفضل أن يتم الاستفادة من المحور التنموى الجديد - القديم المتمثل فى طريق وادى النطرون؟ وحتى لا يتحول طريق الضبعة إلى قيمة مادية مهدرة، ثم بعد ذلك يتم البحث فى توفير محور آخر.

زاد من شعورى بأهمية تساؤلاتى إدراكى بما لمسته فعليا من أن كثافة المرور على وادى النطرون - العلمين ليست بالدرجة التى تستدعى طريقا آخر، فضلا عن أن رفع كفاءة طريق الساحل من الإسكندرية يجعل هناك بديلين للمتوجه إلى الساحل الشمالى ومطروح. هل نحن فى حاجة لفائض طرق؟ وأليس من الأفضل العمل بفكرة نفقة الفرصة البديلة بتوجيه مخصصات الطريق لمشروع أكثر فائدة؟ كان السؤال ما هو المشروع الذى يمكن أن يكون هذا البديل لو ظل تفكيرنا فى إطار تنمية هذه المنطقة؟

عندما عبرت شريط السكك الحديدية عند العلمين تذكرت تأكيدات الرئيس السيسى على إنشاء مدينة عالمية هناك.. قلت ألم يكن من الأفضل إنشاء محطة قطار رئيسية هناك تكون مركز لتحركات النقل العام من ميكروباصات وخلافه إلى قرى الساحل الشمالى وتكون نواة التنمية لهذه المدينة. ألم يكن إزدواج خطط السكك الحديدية إلى مطروح بديلا يوفر مجالا أفضل للتنمية؟. رحت أتخيل تحقق هذه الفكرة وسرحت بعيدا فرأيت ثورة أخرى تنموية بديلة تجعل مطروح مدينة مكتظة بالسكان وتبحث عن وسيلة لطرد فائض سكانها إلى الصحراء الغربية.

حاولت تجاوز هذه الأفكار تجنبا لحالة الحيرة ودوار الصداع الذى أشعر به كلما فكرت فى العقبات التى نضعها أمام نهضة هذا البلد، وقررت أن أنسى الضبعة وأن يكون وادى النطرون – العلمين هو طريق العودة.. رغم شعورى بالخزى من أننى بذلك كالنعامة التى تدفن رأسها فى الرمال حتى لا ترى الحقيقة المفجعة ماثلة أمامها!

[email protected]