رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

عرفت الدكتور سمير فياض نائب رئيس حزب التجمع عن طريق زميله، وصديقى وأستاذى المفكر المصرى المهندس محمد فرج، فكثيرًا ما كنت أقابله معه فى حزب التجمع، فوجدته رحمه الله شديد الموضوعية والحيادية لأقصى درجة، وكان سياسيًا ذا رؤية ثاقبة، يتمتع بعقلية علمية وإدارية نادرة، تشغله القضايا الوطنية، وينشغل أكثر بقضايا البسطاء من المهمشين والمعدمين، كان يرى المجتمع المصرى شديد الطبقية ولم تستطع ثورات مصر من يوليو 1952 و25 يناير أو 30 يونية تغيير هذه الطبقية، لأننا لم نصبح دولة مدنية 100%، وأن الدنيا فى مصر هايصة ومحدش بيحاسب حد، والنخب فى مصر اعتادت على حل مشاكلها بطريقتها الخاصة كما يتراءى لها.. ولم يمنعه حبه لعبد الناصر من انتقاده عندما قال لى عبد الناصر كان يعمل فى مجالات الصناعة والزراعة والقطاع العام بسرعة الصاروخ، ولكنه فى التعليم والصحة كان يسير بخطوات نملة، ولهذا أصبحت المنظومة الطبية متهالكة ومتآكلة، رغم ان مصر لديها 5 آلاف وحدة صحية فى القرى والمدن، وأن حزب الوفد هو الذى صنع لبنة هذه الوحدات منذ نشأة الصحة فى الثلاثينيات، إلا أن المرضى الفقراء منسيون فى تلك المنظومة والمرضى فى القرى والنجوع والعشوائيات لا يعالجون، والمدن والقاهرة تعالج بعض الشىء، وثورة يوليو كانت تريد بناء مجتمع راق شبه مدنى، لكننا لم نره أو نعيشه.

وكان يرى أن إنشاء مجتمع مدنى مهمة «الوفد» الذى كان يراه أكبر حزب له أرضية فى الشارع تاريخيًا، وكثيرا ما تمنى أن يتعاون حزبا الوفد والتجمع، مع تأكيده على أن «التجمع» على استعداد لعدم التدخل فى عمل الوفد ولا أولوياته نهائيًا، حتى يقوم مجتمع مدنى ثم بعد ذلك تظهر الخلافات الأيديولوجية.

وكنت أقول له «الوفد» ليس فى السلطة.. فيقول الوفد قدم مشروعه وهو فى المعارضة قبل 1952، وكلما كان يصل إلى السلطة كان يقدم حلًا جذريًا لأى مشكلة من مشكلات المجتمع.  وقلت له: هذا الكلام سيفتح عليك أبوابًا كثيرة ويغضب منك التيار اليسارى.. فضحك عليّ وقال: الوفد حزب الأمة كلها سواء كان فى الحكم أو خارجه، سيبقى للأمة، ولو جاء الوفد فى الحكم ستصبح مصر دولة مدنية ثم تأتى مرحلة الديمقراطية الاشتراكية، وهذه مرحلة اليسار الاشتراكى الذى سيقوده التجمع، وحتى هذه اللحظة لا يوجد خلاف مع الوفد.. لأنه هو الحزب الوحيد المؤهل فى هذه المرحلة لبناء مجتمع مدنى، لأن هيئة القرار السياسى فى الوفد ثابتة وتهدف إلى مجتمع مدنى مهما أتى على رأس الوفد من قيادات وزعامات، وإذا اختلفت هذه الرؤية لانفرط حزب الوفد وضاع، ولكنه ثابت ومستقر بسبب هذه السياسة الراسخة التى لا يحيد عنها. وعن تسامح اليسار لاعتقالات عبدالناصر، قال: لأن اليسار طرح فكر العدالة الاجتماعية، وعبدالناصر اتجه نحوها وانحاز إليها من خلال الاشتراكية، ولكن الظروف لم تمكنه من تطبيقها، لكنه مات بعد ان أحدث رواجا فى الصناعة والتجارة والأنشطة الأخرى التى بدأت بالتأميمات.. ثم جاء «السادات». وكانت سيناء محتلة وحكم بطريقته واستطاع أن يستعيدها، وكان يرفض القول بأن اليسار عارض السادات بل كان يؤكد انه هو الذى كان يعارضهم وهم عارضوا سياساته.

وكان يصف عصر مبارك بعصر الانهيارات فى كل شىء، فى خدمات التعليم والصحة، وانهيار فى الأخلاق وضعف الانتماء، وانتشار الفوضى و«الواسطة» والمحسوبية، وفساد رجال الأعمال وكبار رجال الدولة وفساد صغار الموظفين، وتمكين رجال الأعمال من رقاب الشعب، وتمكين الجماعات المتطرفة من السيطرة على عقول الشباب بعدما تغلغلوا فى القرى. وكان يؤكد أنه لا يوجد أحد يستطيع التصالح مع الإخوان، لأن الشعب لفظهم وعزلهم بعدما انكشف أمرهم التآمرى الذى يقوم على العمالة، وتصديهم للدولة المصرية فى محاولة منهم لهدمها أو تفتيتها، ولهذا رأى ان جماعة الإخوان انتهت.. رحم الله الدكتور سمير فياض.. فياض الوطنية والانسانية.