عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

كنت أقلب في ألبوم الذكريات مع أولادي فتوقفوا عند صورة أحد أصدقاء الولد الشقي السعدنى الكبير طيب الله ثراه وسألوا: من هذا الرجل؟.. وكان السؤال حول شخص العم نور السيد.. وهو الرجل الذي عرفه السعدني خلال رحلة علاج شقيقتي الأكبر هالة وقد كان السعدني يجلس إلي عدد كبير من الأصدقاء في شقة العم نور، وألقي السعدني بتعليق من تعليقاته الساخرة انفشخ لها فم كل الجلوس وفهم العم نور ولكن نور السيد بالذات كان في الصورة يضحك ليس من أعماقه.. ولكن من امعائه كما كان يقول السعدني ومع الأسف الشديد الشباب لا يعلمون شيئًا عن شخصية نور السيد الرجل الذي عمل في السفارة المصرية في لندن وكان عنصرًا فعالاً في جمع المعلومات ضد أوسخ دولة عرفتها الكورة الأرضية هى إسرائيل.. فقد كان العم نور حاضرا ومتواجدًا في كل المؤتمرات التي كانت الجاليات اليهودية تقيمها وعندما علمت منه ذات مرة أن المؤتمر سيقام في لندن سألته ألا تخشي أن يفتضح أمرك.. فقال وكيف يمكن لأي مخلوق أن يعرف الحقيقة.. قلت له مثلاً أنت لم تذهب إلي إسرائيل ولا تعلم من العبرية شيئًا.. وقال.. ولا أحد من هؤلاء اليهود يعرف شيئًا عن إسرائيل ولا يتكلم العبرية.. فكلهم يهود من أوروبا وأمريكا والقلة القليلة من إسرائيل وبالطبع لم يشك أحد في العم نور السيد واستطاع الرجل أن يعرف الشىء الكثير من خلال هذه المؤتمرات ومن الشخصيات التي كانت حاضرة وبشكل دورى لهذه المؤتمرات.. وكانت مؤثرة فيها.. وعندما ذهب الرئيس السادات إلي القدس لم يعد نور السيد هو نفسه نور الطيب الهادئ البسيط المتواضع العذب الذي نعرفه.. كانت العصبية قد غلبت علي طبعه وكان الساخر الجميل الظريف قد غادر عم نور فتحول إلي الجهامة والبؤس والاحباط وكان ذهنه شاردًا يأخذه بعيدا جدا عن المكان الذي يتواجد فيه بجسده وكان الغم والهم قد حط علي شخص السعدنى الكبير والعم نور معا وهما يتابعان معًا رحلة السادات إلي القدس.. ويومها قرر نور السيد أن يتمرد علي طريقته وأن يتقدم باستقالته من العمل في سفارة مصر.. وكان السعدني يفكر في اصدار مجلة خارج مصر ويكون مقرها لندن من أجل معارضة السادات.. وفي البداية كانت العقبات ضخمة جدا.. منها مثلا أن علي السعدني أن يحصل أولا علي اقامة عمل في بريطانيا من أجل الحصول علي ترخيص بالعمل ولكن نور السيد ذلل كل هذه العقبات واستطاع أن يوفر للاصدار كل أسباب النجاح وبالفعل صدرت «23 يوليو» واستمرت في الصدور 52 عددا بالتمام والكمال وفيها اجتمع كتاب كبار منهم الأستاذ الفريد فرج والأستاذ عاصم حنفي والأستاذ بكر الشرقاوى وبزغ نجم نور السيد في هذا الاصدار الفريد الذي زينه عمنا صلاح الليثي بريشته الشديدة المصرية المنغمزة في أعماق الحارة المصرية بناسها ولغوتها.. وفي المجلة كتب عبدالمجيد فريد مدير مكتب ناصر.. مذكراته وكتب فيها الفريق سعد الدين الشاذلى وحافظت المجلة علي هدفها الأسمي وهو معاداة السادات وحاولت نظم عربية أن تعرض علي المجلة آراء خاصة وأهدافا بعينها وأن تكون بوقا لهذه الأنظمة ولكن السعدني ومعه نور السيد وقفا بالمرصاد ضد هذه المحاولات وهكذا فقدت المجلة كل تعاطف مع الدول المفترض أنها كانت تعارض السادات.. ولكنها في حقيقة الأمر كانت تبحث عن مصالحها الشخصية أولا وأخيرا وكان وجود السادات بل خروج مصر ان شئت الدقة هو اسمي أمانى هذه الأنظمة التي وجدت في هذا الخروج فرصة ذهبية من أجل الوثوب لاحتلال الدور المصرى الغائب.

وخرج نور السيد والسعدني الكبير من هذه التجربة بخبرات جديدة مفادها أنه ليس أسوأ من الأنظمة العربية المحافظة.. إلا الأنظمة العربية التي تسمي نفسها بالتقدمية.. وانتهي الحلم الجميل لمجلة 23 يوليو مبكرا واختفي العم نور من الحياة.. حتي عاد إلي الظهور ما عرفناه باسم تنظيم ثورة مصر التي كان نور السيد هو قائدها الحقيقي والمخطط الأوحد لها وبالفعل استطاع نور السيد أن يطفئ كل الغضب الذي تربي داخله وداخلنا من هذا الكيان المزروع وسط خاصره العرب.. وفي السجن كانت النهاية عندما انكشف التنظيم وفي السجن وبعد أن تناول وجبة غذائية تعرض العم نور لنوبة حادة من الاسهال لم يستطع الطبيب أن يجد لها حلا.. وظل علي هذه الحالة حتي فاضت روحه الطيبة إلي خالقها.. للعم نور حكايات أتمني أن تجد طريقها إلي النشر.

رحمة الله علي الشهداء!!