رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

في المسجد الذي أصلي فيه الجمعة، وهو تابع للجمعية الشرعية، راح الخطيب من على المنبر بنبرة يملؤها الفخر يؤكد أنه يتم يوميا تقديم وجبة إفطار صائم لنحو 650 أسرة وبحسابات غير معقدة راح يذكر أن إجمالي ما يتم تخصيصه لذلك نحو 60 ألف جنيه يوميا، وهو ما يعني إجمالي مليونين ونصف المليون جنيه خلال شهر رمضان. في مسجد آخر يقوم على شأن إفطار الصائم فيه أحد من أعرفهم وأثق في نزاهتهم ذكر لي أنه يأتي تبرعات للمسجد لا تعد ولا تحصي لدرجة لا يعرفون معها ماذا يفعلون لإفطار الصائمين، لحد قد يصل لمفهوم التخمة!

فيما أتابعه فإن جمعية مصر الخير تعمل على تقديم وجبات لنحو 5 ملايين وجبة أو كرتونة رمضانية خلال الشهر الفضيل. إذا تصورت، وهو تصور لا يتجاوز الواقع، أن مهمة إفطار الصائم مهمة تقوم عليها جمعيات خيرية أخرى وشخصيات من الأغنياء الموسرين ، لك أن تتخيل حجم ما ينفق على هذا البند خلال رمضان، وهو إن يدل على شىء فإنما قد يؤكد من وجهة نظر البعض صدق الحديث النبوي الذي يقول: «الخير في وفي أمتي إلى يوم القيامة».

غير أن للأمر وجها آخر من العملة يمكن لك أن تتبينه إذا علمت أن الكثيرين ممن يتمتعون بوجبة إفطار الصائم ليسوا من المعثرين، ذكر لي أحد العاملين بالموائد الرمضانية في مدينة اكتوبر أن أغلب مرتاديها من الحرفيين والعمال العزاب والذين لا يقل دخل الواحد منهم في اليوم عن 150 جنيها! ليس مطلوبا بالطبع تقديم شهادة فقر للاستفادة من المائدة ولكن هذه مجرد لمحة.

أتصور لو أن هناك جهة – كالأوقاف مثلا وإن كنت أتمنى عدم تدخلها – حاولت حصر ما ينفق على إفطار الصائم لتوصلت إلى نتيجة أن مصر كلها فقيرة، فقد يكون إجمالي وجبات الإفطار يتجاوز نحو 90 مليون صائم. هذا إذا أضفنا الشنط الرمضانية التي تملأ المجمعات التجارية ويقوم على توفيرها البعض لتوزيعها على المحتاجين.

أرجو ألا تحمل كلامي ما لا يحتمل وتتصور أنني أصدك عن عمل الخير، فذلك ما لم يرد في ذهني، وإنما أهدف إلى ما يمكنك وصفه بترشيد العمل الخيري وتعظيم الاستفادة منه، خاصة في ضوء ما نلمسه من دعوات لهذا العمل خلال الشهر الفضيل، وإلا قل لي: هل من العمل الخيري أن يتم جمع تبرعات لتوصيل المياه للمنازل بتكلفة تصل إلى ألفي جنيه للأسرة. إن ذلك من صميم عمل الدولة. يتأكد لك ذلك الانطباع إذا علمت أن المسجد الذي أصلي فيه يعمل – مشكورا بالطبع – على توفير خدمات طبية تصل إلى إقامة غرف رعاية مركزة بالمجان.

مؤدى ذلك في رأيي في التحليل النهائي أن هناك «دولة موازية» من العمل الخيري تقام في مصر إلى جانب الدولة الأصلية والتي وصفها الرئيس السيسي بحق بأنها «شبه دولة». مؤدى ذلك أننا نعيش حالة أخرى من حالات التشوه في العلاقات التي تحكم المجتمع تشبه الاقتصاد غير الرسمي والذي يفوق حجم الاقتصاد الرسمي. مؤداه في النهاية أننا أمام دولة لا تقوم بواجبها كما هو محدد في تعريف مفهوم الدولة، وأمام شعب لا ينتج ويعيش على الشحاتة ويستمرئ هذه المهمة، ولذلك لم أشعر بالدهشة أو المفاجأة حينما علمت أن دولة مثل الإمارات قدمت لمصر نحو 14 مليار دولار خلال السنوات الأخيرة، هذا فضلا عن مساعدات السعودية والمنح والمساعدات الدولية من أوروبا والدول المتقدمة!

ولذلك أرى أننا إذا لم نسلك سبيلا آخر في الاستفادة من العمل الخيري، وبقية الأوجه التي أشرت إليها فإننا سنبقى في ذيل الأمم.. إن لم نكن مستقرين هناك بالفعل منذ فترة غير قصيرة دون أن نعلم!

[email protected]