رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

حاصرناها من الشمال بمقاول غبى دمر واجهتها البديعة قبل ثورة يناير، ومن الجنوب بالسيارات والتكاتك والمبانى العالية التى تحجب الرؤية، ومن الشرق باغتيال حفلات الموسيقى والأوركسترا وجميع الفنون من عدم الوصول إلى خشبتها، ومن الغرب بالأسوار واللافتات والباعة.

ولم يبق من تراث قاعة سيد درويش البديعة، أى شىء، أصبحت طائرا مغتالا فى مدخل منطقة الهرم وبداية أكاديمية الفنون، ولم تعد تقدم تلك الأنواع من الموسيقى التى افتقدناها، بعد أن تمت محاصرة النغمات الراقية ولم يعد لديها ملجأ إلا دار الأوبرا.

وقاعة سيد درويش بالهرم، هى ثانى قاعة للموسيقى على مستوى العالم بعد قاعة بكين، وهى صرح ومبنى هندسى وتشكيلى نادر، تم تدميره بمقاول جاهل قبل ثورة يناير، لكنى فوجئت منذ أيام بعدد كبير من السيارات التى تحاصر المبنى، فاستبشرت خيراً أن يكون قد عادت أيام زمان، عندما كانت تحاصرها السيارات لبدء حفل موسيقى أو غنائى.

لكنى وجدت أن سبب محاصرة تلك السيارات هو أن قاعة سيد درويش قد تحولت إلى «سنتر» للدروس الخصوصية للثانوية العامة، وأن أحد أساطين المدرسين يستأجرها لهذا الغرض، وهو ما جعل عقلى البسيط يتوقف، وقد ارتد بى الزمان، لأتذكر مجد تلك القاعة، منذ النشأة أيام الأستاذ ثروت عكاشة وزير الثقافة ومؤسسها العبقرى المهندس المعمارى ومؤسس الكونسرفتوار المصرى الفنان الكبير أبوبكر خيرت، عند التفكير فى إنشاء أكاديمية الفنون، أن تكون صرحاً كبيراً للموسيقى.

وقد تم إهمال القاعة فى السنوات الأخيرة، وتم تدمير كل ما يخصها من أماكن للآلات الموسيقية والنغمات، وجلوس العازفين ومقاعد الجمهور، وتحولت لمكان لدورات تدريبية للموسيقى وورش للآداب، ولم نعترض على ذلك.

لكن أن تتحول قاعة سيد درويش لمكان لدروس الثانوية العامة، ولم تكن هذه أول مرة، حيث إن هذا الموضوع منذ عامين تقريباً، وقيام الفنان عاطف عوض مديرها الآن، بتأجيرها كسنتر لدروس الثانوية العامة، فهذا يدل على ما وصلنا إليه من انحدار، وأن كل شىء بمن فيه القائمون على الفنون أصبحوا ضد الفن، وضد كل شىء ينير عقولنا، خاصة أن قاعة سيد درويش إحدى المنارات التى يجب أن تفتخر بها وزارة الثقافة، حتى لو سقطت من ذاكرة وزارة الثقافة لدينا فهى فى ذاكرتنا نحن – الذين تربينا ووعينا الفن بين جدرانها - وأن تتحول الأماكن التى كان يشدو عليها كبار فناني مصر وعازفيها، الآن بأن يشدو فيها أحد الغربان – بصفته الإمبراطور – فى دروس الثانوية العامة، وأن يتألق على خشبتها هذه الكائنات التى لا تعلم شيئاً عن تلك القاعة وعظمة تلك الخشبة.

هذا نداء إلى وزير الثقافة أن يلتفت إلى قاعة سيد درويش، وأن يرحم خشبتها وشيخوختها وأن يفك الحصار عنها، وأن تلجأ تلك الغربان كى تنعق فى أى مكان آخر بعيداً عن خشبة قاعة سيد درويش التى تحمل فى نفوس وعقل هذا الوطن مكاناً منيراً وأثيراً سنظل نفتخر بها.