رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

في مطار القاهرة، تواجد الدكتور عاطف صدقي رئيس وزراء مصر لاستقبال طه يس رمضان النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء العراقي، ولكن عندما دخلت  الطائرة العراقية الأجواء المصرية تم ابلاغ مصدر رسمي بأن علي متن الطائرة الرئيس العراقي صدام حسين  وتم نقل المعلومة علي الفور الي الرئيس حسني مبارك الذي توجه الي المطار ليكون في استقبال الرئيس العراقي الذي خرج من بلاده للمرة الأولي والأخيرة خلال الحرب ليزور المحروسة وحدها وبالطبع استقبل صدام حسين بحفاوة  ليس لها نظير.. وبعيداً عن البروتوكول والرسميات طلب الرئيس صدام  زيارة منطقتين بالتحديد.. جروبي في وسط البلد حيث عم أحمد الرجل النوبي الجميل الجارسون الذي كان أحد علامات هذا المكان البديع، إنه الرجل الذي كان يتظاهر بأنه قبض ثمن المأكولات والمشروبات من زبائن اشتد بهم الضيق وانقلبت بهم الأحوال، وقد كان لهذا النوبي  النبيل مواقف لم ينسها أبناء الجيل الذي اعتاد الجلوس في قاهرة الخمسينيات في تلك الأمكنة  التي كانت منارات للفكر والأدب والثقافة وملتقي لكل النبهاء والنجباء، أما الحي الذي أراد صدام حسين أن يزوره ويتمشي فيه فكان حي الدقي في الجيزة فقد أراد أن يستعيد تلك الأيام الجميلة والذكريات التي لم يمحها الزمان عندما كان لاجئا سياسيا يعيش في القاهرة قلعة الأحرار في خمسينيات وستينيات القرن العشرين.  وسأل صدام حسين عن بواب العمارة التي كان يقيم بها.. واكتشف انه توفي الي رحمة الله ولكن أولاد الرجل كانوا علي قيد الحياة ولذلك فإن الرئيس العراقي الراحل أرسل اليهم مبلغا من المال فيه تكريم للرجل البسيط  الذي سكن عقل وقلب صدام حسين، فقد كان البواب علي الرغم من بساطته كان رجلاً.. يملك الحكمة وهبه الله ملكة الحكي فكان إذا تكلم أدهش من يستمع اليه وقد عركته الحياة واستطاع خلال رحلة طويلة من الشقاء والمعاناة أن يملك تجربة غنية في الحياة تركت بصمة في قلب صدام حسين.. ولكن جروبي عندما ذهب اليه الرئيس العراقي الراحل لم يكن فيه أحد ممن عرفهم في أيام اقامته في القاهرة وبالنسبة للرجل الذي جعل صدام حسين يحتفظ باسمه سنوات طويلة جدا فقد ذهب هو الآخر الي رحاب ربه ولكن في ذات زيارة للكاتب الكبير أحمد بهاء الدين ومعه ابنه الوحيد زياد  قابله وسأله عن أحوال مصر وأيام الرئيس السادات رحمه الله وعندما أحس صدام حسين أن أحمد بهاء الدين يتحدث بنبرة حزينة عن أحوال مصر في تلك الأيام والتي أعقبت زيارة السادات للقدس عرض عليه أن يقيم معززاً مكرماً في بغداد وشكر الأستاذ بهاء الرئيس العراقي ولكنه عندما اختار البقاء خارج القاهرة كانت الكويت هي المحطة التي توجه اليها لأسباب عديدة فهي دولة معتدلة تحتفظ بعلاقات طيبة مع الجميع ومصر لها  مكانة خاصة لدي كل حكام الكويت ولشعب مصر معاملة طيبة من قبل أهل الكويت وعلي رأسهم الصعايدة.

المهم أن الأستاذ بهاء وجد الرئيس العراقي يطلب اليه طلباً عجيباً.. فقد سلمه مظروفاً به دولارات من فئة المائة دولار وطلب اليه أن يسلمها الي الرجل النوبي الطيب الذي كان لماحاً بمجرد النظر في عين الزبون يعلم إذا ما كانت جيوبه عمرانة أو إذا كان مفلساً.. وحكي صدام حسين للأستاذ بهاء كيف أن الرجل النوبي كان من تلقاء نفسه.. يقوم بتقديم سندويتشات جروبي الشهيرة وبعدها  الحلو ثم الشاي.. وبعد ذلك يسلم عليه متظاهراً انه تناول حق المشروبات والطعام.. وهو يقول له.. الشعب المصري عنده لماحية وهو شعب شديد الذكاء، مضياف يعشق العروبة ومستعد للتضحية في أي وقت وفي أي مكان وأضاف نائب الرئيس صدام.. أنا بالفعل بأحسد الرئيس المصري.. أي رئيس مصري بالشعب المصري وهنا ظهرت ابتسامة الأستاذ بهاء الشهيرة وهو يسأل عن السبب فقال الرئيس صدام، يا أخ بهاء.. في مصر قد يختلف المواطن المصري مع رئيسه ويهاجمه ويعارضه ولكن نفس هذا المواطن المصري.. إذا طلع خارج حدود مصر فإنه يتحول الي مدافع وسفير فوق العادة عن الرئيس المصري.. لأنه بيعتبره رمزاً للدولة واهانته هي اهانة لمصر وللمصريين جميعا ويؤكد الأستاذ بهاء علي هذا المعني ويسأل الرئيس صدام.. المبلغ ده لعمر أحمد النوبي.. ويجيب صدام حسين.. نعم.. فهذا الرجل كان دائماً يسألني ويتحدث الي عن أحوالي وكنت أتحجج بكثرة زياراتي للمكان بأنني أبحث عن وظيفة.. ويضحك الرئيس صدام ضحكة مجلجلة ويقول.. كانت أجمل أيام العمر لم يكن هناك مسئوليات ولا مشغوليات وعندما عاد الأستاذ الكبير أحمد بهاء الدين إلي مصر..  حرص أولا علي أن يتوجه الي الرجل النوبي الطيب ومعه المظروف المليان بالدولارات.. وبحث عن الرجل فوجده علي حاله رجلاً ودوداً.. محببا للنفس.. وطلب الأستاذ بهاء الدين كوباً من الشاي واقترب من الرجل وأخرج له المظروف وهو يقول له فاكر صدام حسين.. فخبط الرجل علي رأسه وقال.. يا سلاااام.. كانت أيام الله يمسيه بالخير.. وأخرج الأستاذ  المظروف وسلمه للرجل وقال.. هو باعت لك المظروف.. ويفتح الرجل المظروف ويندهش بما في داخله ويقول.. الله هو الأستاذ صدام لقي وظيفة ويضحك الأستاذ بهاء وهو يؤكد له الحمد لله.. ربنا فتحها في وشه.