رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

خارج السطر

ليس أصعب من الاختيار بين قُبحين، حُكم الاستبداد أو اللاحكم، مَن يُتابع مطر الموت فى سوريا يجد نفسه مواجهاً للسؤال الأكثر حرجاً: هل بقاء السُلطة الغاشمة القمعية أجدى؟.. أم انهيار النظام تماماً وتفشى الفوضى؟.. هل ليبيا مُعمر القذافى أفضل أم ليبيا الحالية؟.. وهل عراق صدام حسين ببشائعه وقهره وطغيانه أبقى أم عراق التشرذم والتفتت والانقسام؟

ليس لدى إجابة يقينية، وإن كُنت أردد فى تلقائية مقولات الفقهاء الأوائل بأن حُكم غشوم خير من فتنة تدوم، وأن بقاء الناس ستين عاماً فى ظل سُلطان ظالم خيرٌ من بقائهم ستين يوماً بلا سلطان.

ما نراه، وما نعلمه، وما نقرأه عن سوريا لا يسُر، الحاكم هُناك ظالم بلا شك، دموى، ومُتسلط، وناهب للبلد الجريح، لكن مَن قال إن خصومه ومحاربيه أعدل أو أنزه أو أكثر نفعاً للبلد والناس؟.. مَن قال إنهم يُولون وجوههم شطر مصلحة سوريا ومصالح أهلها؟.. بعضهم متوحشون يأكلون لحم ضحاياهم، وكثيرٌ منهم يتاجرون بالدماء والأرواح فى لامبالاة، دلونى على فصيل يُقاتل لدحض الشر ونصرة الناس بدءاً من جبهة النصرة والجيش الحُر وحتى تنظيم الدولة الإسلامية بألويته اليرموك والمُثنى وخالد بن الوليد، مَن يقتل مَن؟.. ومَن يدعم مَن؟.. ولِم؟.. وما المصير وما الأمل وما الحل؟

انتهت الثورة، كحلم ساذج فى ظل ألاعيب أجهزة المخابرات الغربية والشرقية، وماتت السلمية، ولم يعُد بُداً من تشويه كُل الرموز ولعن كافة الشُهداء وتلطيخ الفكرة ككل بأوساخ الطائفية والتمويلات الخارجية، صارت سوريا فتاة مُستباحة يغتصبها المارة مرات ومرات، ويغتصبها زوجها مثلهم تماماً.

ما يجرى فى سوريا وما جرى من قبل فى ليبيا يضعنا فى مواجهة السؤال الحرج: أيهم نُساند، ومع مَن نقف: الدولة القاهرة أو شراذم الدولة؟.. الحُكم البوليسى أم حُكم الغابة؟.. قبل سنوات طرح المفكر السياسى النابه الدكتور مصطفى الفقى سؤالاً واضحاً حول الاختيار بين الإرهاب والاستبداد، كان المفكر الكبير يرى أن عالمنا العربى صار مدفوعاً أن يختار بين حكم الإرهاب أو الاستبداد، لقد أصبح الخوف من التغيير هاجس الشعوب الفقيرة المغلوبة على أمرها والتى تخشى من فقرِ أشد أو بؤس أعنف فى حال تغيير الأنظمة.

سؤال الدكتور الفقى مُخيف، موحش، وموجع، لكنه مع كل أسف واقعى، فالخوف من الاستبداد يقابله خوف أشد من الإرهاب، وصرامة الدولة موجعة لكنها مهما كانت أهون من صرامة ودموية الدواعش.

نحنُ فى لحظات تاريخية يعاد فيها تشكيل العالم، تُمحى بلاد وتولد دول، وتتقدم حركات وتخفت تيارات ويعلو أقوام ويهبط آخرون، وتنسحق نظريات وتُبنى أفكار.

والله أعلى وأعلم.

[email protected]