رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

خارج السطر

لا أداهن فيما أعتقد، ولا أكذب طمعاً أو رهباً. إنما أصُب قلبى صباً على الورق فأقول ما أرى وأكتب ما أعتقد حتى لو طاردتنى النعوت وطالتنى الاتهامات.

لا يُخجلنى أن أكتب أننى لا أرى فى الرئيس السيسى ديكتاتوراً ولا أتصوره مُستبداً مثلما يُكرر الإخوان أو بعض نُشطاء «فيس بوك» ومناضلى «تويتر»، فى الوقت ذاته لا يُزعجنى أن أُقرر أن المشكلة ليست فى الرئيس، أو أدائه، أو أفكاره، أو توجهاته، أو خطاباته، وإنما فيمَن حوله من رجال. أولئك الذين يُحسنون كُل فعل ويُبررون كُل خطأ أو قصور ويُكررون ما قاله نزار قبانى لعبدالناصر يوماً بأن «مثلك كان كثيراً علينا».

أكتب ذلك تعليقاً على حديث أدلى به الرئيس إلى «فوكس نيوز» قبل أيام قال فيه إنه ليس ديكتاتوراً، وأنه لا يوجد ديكتاتور يحكم أربع سنوات أو حتى عشر سنوات. وأكد الرئيس أن الديكتاتور يحكم عادة 30 عاماً أو40 عاماً فى إشارة لمبارك أو القذافى أو غيرهما من الرؤساء المُعمرين فى خريطتنا العربية.

وما قاله الرئيس مقبول فى نصه، لكنه غير سليم فى مضمونه، لأن الديكتاتورية ليست بالزمن وأن نفى الشعور بها لا يمنع زرعها زرعاً من جانب شلل المُنتفعين. إننا نلاحظ أن الفراعنة الأواخر فى مصر، خاصة مبارك بدأوا حُكمهم مُصلحين ومتواضعين وطيبين، حتى أدخلتهم النُخب المُستفيدة والرابحة فى ماكيناتها لتدفعهم دفعاً نحو الديكتاتورية.

وبلا شك فإن الرئيس السيسى مُحق فيما يرى بأنه ليس ديكتاتوراً وحُكمه مُحدد المُدة وأن بقاءه مرهون بإرادة المصريين، لكن مَن قال إن الأجواء التى تُحيطه من مهازل تصفيق دائم، ووصلات مدح صادح، وتحريض علنى ودائم على كل مخالف ستحفظه لنا كما عهدناه وعرفناه؟ كيف نضمن ألا يتغير وحوله الهتيفة والمبرراتية وميكروفونات صدى الصوت التى لا تُناقش ولا تُجادل ولا تنقُد ولا تُحلل ولا تتدبر ولا تتأمل ولا تُفكر؟ كيف يبقى مُعافى من الديكتاتورية والاستبداد ودولة «آمين» تتسع فلا نسمع فكراً آخر ولا توجهاً مختلفاً ولا رأياً مُعارضاً؟

لقد كتبت من قبل أن بناء الدول الحرة الناهضة لا يُمكن أن يتحقق فى ظل رأى واحد وفكر واحد وتوجه واحد، وأن التعدد أساس لبناء الأمم القوية. إن «القطيع» ملعون. لا كُل فى واحد ولا واحد فى الكُل كما علّمنا الطُغاة. لا مُستبد عادل كما صبوا فى أدمغتنا الضيقة التى لم تنفتح على عوالم أرحب، ولا يتقدم وطن يتحدث اللغة نفسها ويُمارس الأسلوب ذاته.

المطبلاتية أشد عسفاً واستبداداً ولديهم كل مُختلف فى الرأى أو معارض هو عميل أو مأجور أو باحث عن شهرة. هو رجس من عمل الشيطان، وخطر على أمن مصر، ويد داعمة للإرهاب. هُم الخطر الحقيقى، وحجر العثرة الأول فى بناء مُجتمع مُنفتح مُتحضر يقبل بالتعددية ويعارض فى أدب، ويختلف دون عداوات، ويُفنّد توجهات وسياسات بلا خصومة.

ديكتاتورية المُهللين والمُصفقين و«شلل الهتيفة» تضُر الرجل فى تصورى أكثر مما تُفيده، ووفود التأييد المُصاحبة فى الرحلات الخارجية، وإعلاميو التحريض على المعارضين أو المُغردين خارج السرب تُفسد المشهد.

والله أعلم.

[email protected] com