رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

يرتكب خطأ كبيرا من يتصور أن الجهود الرائعة التى تبذلها القوات المسلحة والشرطة فى حربها ضد «الإرهابيين» سوف تقضى على «الإرهاب»، استخدام السلاح بكفاءة وذمة تحمى الأبرياء من أن ينالهم الأذى من سوء استخدام السلاح، هذا الاستخدام الرشيد للسلاح فى محاربة الإرهابيين ضرورة لمواجهة الإرهابيين ومطاردتهم.

لكن القضاء على الإرهاب يحتاج لمقاربة أشمل تحتل المواجهة بالسلاح فيها موقعا يظل عرضة لهجمات مضادة من الإرهابيين ما لم نواجه «الإرهاب» بخطة متكاملة ومحكمة لتجفيف منابع الإرهاب، وخلق بيئة رافضة للإرهاب.

1 - فى هذا المجال نسمع كلاما كثيرا عن «تجديد» الخطاب الدينى وتترجم الجهات والمؤسسات المسئولة عن الخطاب الدينى «الأزهر والإعلام والجمعيات الدينية» هذه الدعوة على أنها ابتعاد عن خطاب التعصب الطائفى والمذهبى.

والحقيقة أن هذه المؤسسات تساهم فى تنمية منابع كثيرة لإمداد الإرهابيين بأعداد كبيرة وأجيال متعاقبة من الإرهابيين، فالمساجد والزوايا والإعلام ومن يطلقون عليهم وصف «الدعاة» أكثرهم يروج للخرافات والشعوذة باسم الإسلام.

والأمثلة فى هذا السياق كثيرة، منها برامج تفسير الأحلام وبرامج العلاج بالقرآن وبرامج قراءة الكف والأبراج، ومنها الفتاوى التى تحرم وتؤثم ممارسات اجتماعية يومية باسم الدين والأمثلة فى هذا المجال بغير حصر.

هذا الخطاب المتخلف باسم الإسلام يساهم بقوة فى تغييب عقل الجماهير ويصبح هذا الخطاب الدينى الذى يعطل العقل أحد أهم المنابع التى تقدم لدعاة الإرهاب مددا مستمرا من الشخصيات المؤهلة للانضمام إلى الإرهابيين أو على الأقل للتعاطف معهم.

2 - موجات السباب والشتائم والاتهام بالخيانة والخوض فى أعراض المواطنين المختلفين مع الحاكم أو مع أسياد «الشتامين»، الذين احتلوا شاشات الفضائيات، هذا الخطاب المشحون بالكراهية والذى يمارس أحط ألوان الاغتيال المعنوى لمواطنين لمجرد أنهم يختلفون مع أسياد هؤلاء الشتامين، هذا الخطاب يدفع أعداداً لا بأس بها لتكون رصيدا استراتيجيا يذهب بعضه إلى ساحات الإرهاب أو يتعاطف معه.

3 - تكاثر الحالات التى يتعرض فيها المواطنون لسوء استخدام السلطة وإحساس هؤلاء المواطنين بالقهر، والتراخى فى حساب وعقاب من تجاوز فى حق المواطنين، والتى تنتشر أخبارها بالتفصيل يوميا فى الصحف ووسائل الإعلام، هذه الحالات تخلق حالة من السخط العام تستغله الجماعات الإرهابية لتجنيد بعض هؤلاء الساخطين خاصة من الشباب وكسب تعاطف الآخرين.

4 - تراخى الدولة فى التصدى للفساد والفشل الذى ينهب المال العام وأخباره متداولة على نطاق واسع سواء فى وسائل الإعلام أو فى شبكة التواصل الاجتماعى والأمثلة لا حصر لها.

فهل يتصور عاقل أن الملايين ممن يعانون للحصول على ما يسد رمقهم لا يثير سخطهم أخبار مثل شراء السيارات المصفحة الفارهة بملايين الدولارات لزوم الوجاهة لرؤساء مؤسسات الدولة والوزراء؟!

الصمت الرسمى وحالة «الطناش» التى تتصور الحكومة أنها ستنسى الجماهير مثل هذه الأخبار المستفزة هذا الصمت وعدم تقديم رد وبيان مفصل ومدعم بالوثائق ينفى هذه الأخبار، هذه الحالة تنشئ بؤرة هائلة تمثل أحد المنابع المهمة لتجنيد الإرهابيين الجدد. هذه مجرد نماذج لمنابع الإرهاب التى تضمن استمرار إمداد الإرهابيين بأعداد تعوضهم عن خسائرهم فى المواجهات المسلحة.

فإذا كنا جادين فى محاربة الإرهاب، وليس فقط فى محاربة «الإرهابيين» فعلينا أن نعمل جادين على القضاء على «منابع» الإرهاب وليس مجرد القضاء على «الإرهابيين»، فقد تنجح المواجهات بالسلاح فى القضاء على النسبة الأكبر من الإرهابيين، بل ربما تنجح فى القضاء على جميع الإرهابيين، لكن بقاء منابع الإرهاب سيضمن إمداد الإرهابيين بحشود جديدة.