رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رائع أن يكون «فرانسوا هولاند»، شخصاً صريحاً معبراً عن ذاته بكل قوة وجرأة. حتى لو وصلت تلك الشجاعة إلى حد تكسير الأعراف الرئاسية وعدم الخوف على كرسى الرئاسة. ولكن السؤال: هل الرئيس الاشتراكى قادر على دفع ثمن شجاعته، وعدم كياسته، ووضع ذاته طعما سهلاً للصحافة، استغلته أسوأ استغلال وربما هذا هو أحد الأسباب التى جعلته يعلن سابقاً: «لن أكون مرشّحًا للانتخابات الرئاسية القادمة»، فى خطاب مباشر من قصر الإليزيه ولم يكن حقيقة إعلان عدم الترشح لولاية ثانية مفاجأة غير متوقعة فى ظل التراجع القياسى لشعبية «هولاند» ووجود أصوات من داخل حزبه أعلنت نيتها الترشح منذ البداية بمن فيها وزيره الأول مانويل فالس، وإن كان إعلان هذا القرار، السابقة الأولى فى تاريخ الجمهورية الفرنسية الخامسة، مباغتًا فى الشكل والتوقيت.

ولكن الكواليس تؤكد أنه كان من المستحيل أن يخطو «هولاند» الى الإليزيه بخطى مكبلة بحوادث الإرهاب التى شاهدتها فرنسا فى عهده، واحتل الملف الأمنى مرتبة متقدمة فى سلّم اهتمامات المواطن الفرنسى فى السّنتين الأخيرتين، مع فشل كامل له وصل الى حد التورط فى القضية السورية، بمساندة معارضة تظهر غير ما تبطن. ثم جاء كتاب «ما لا يصح أن يقوله الرئيس» للصحفيين جيرارد دافى وفابريس ليكون شوكة الظهر للرئيس الفرنسى فى الانتخابات القادمة وخاصة مع شعب يلتهم كل ما تصدره المطابع الفرنسية.

فلقد شن «هولاند» أسلحته على الجميع بلا هوادة. فلقد اتهم رجال القضاء بالغرور وادعاء النزاهة، معتبرا أن مؤسسة القضاء «مؤسسة جبانة». وأفصح عن أسرار مخابراتية مهما كانت حقيقتها، لا يمكن لرئيس دولة محنك أن يبوح بها قائلا: «أعطيت الضوء الأخضر لتنفيذ أربع عمليات اغتيال على أقل تقدير، فى حين أن رؤساء آخرين أجازوا عددا أكبر من العمليات». الى جانب أن أداءه كان مخيبا للآمال فى جميع المجالات تقريبا، وخصوصا فى مجال محاربة البطالة، وقد تدهورت شعبيته إلى حد كبير بسببه.

والخلل فى إدارة «هولاند» للملف الاقتصادى كان سببه غياب الاستراتيجية الواضحة، والارتباك البيّن فى التعامل معه طيلة أربع سنوات ونصف السنة، فقد قام فى أول سنتين من ولايته بزيادة كبيرة فى الضرائب قبل أن يخفّضها لاحقًا. ولذلك كانت السياسة الاقتصادية لهولاند وحكوماته محلّ نقد من داخل المعسكر الاشتراكى؛ ليتكون جناح واسع من النواب الاشتراكيين المتمردين، من بينهم وزير الاقتصاد السابق «مونتبورج». فشل «هولاند» فى الملف الاقتصادى رغم أنه أستاذ اقتصاد، ومارسه كقاضٍ فى دائرة الحسابات، وتكفل به فى الحزب سابقًا، ليكون هذا الملف هو الضريبة الحقيقية التى دفعها مما جعله يفضّل الانسحاب من السباق الرئاسى خوفًا من فضيحة الهزيمة.

وفشل «هولاند» بأن يكون شخصية توافقية داخل المعسكر اليسارى وعكس ذلك الجدل حول مدى التزامه بأدبيات حزبه وحدود تنفيذ مشروعه الطموح، فلم يظهر «هولاند» كرئيس اشتراكى، وذلك ما يقوله على الأقل خصومه داخل الحزب؛ وربما المسألة فى هذا الجانب تتجاوز شخص «هولاند» لتكون أزمة تيار سياسى بأكمله، قد تحتاج لإعادة تأسيس فكرى لتجاوزها. وعلى المستوى الإنساني حظى «هولاند» بقدر كبير من المعارضة له بعد مغامرته الفاشلة مع «فاليرى تريلفيلر» التى كانت وراء نفور الفرنسيين منه ؛ وخيانته لها مع الممثلة «جولى جاييت»، وقد ظهر «هولاند» كرئيس مغرور محب لذاته غير مهتم بالعلاقات الإنسانية، متجردا من كل المشاعر. ويبدو أن «هولاند» سيخرج من الإليزيه فقط فى مايو المقبل وبصحبته كلبته، التى تلقاها هدية فى عام 2014 خلال فترته الرئاسية فهناك حالة انسجام شديدة وتعلق واهتمام بين «هولاند» وكلبته، والتى يحرص على التنزه معها فى حديقة الإليزيه وقضاء أوقات كبيرة معها.