رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

فى مكتب أمن الدولة فى المطار جاء ضابط يرتدى الزى الرسمى برتبة عقيد.. ومن كثرة ما شاهد فى الرجل على مدار أكثر من ساعتين.. سأل الضابط المحقق.. مين ده.. وسلمه جواز سفرى.. وقرأ الرجل الاسم.. ثم تغيرت ملامح وجهه ورسم علامات الفرح وكأنه قبض على «خُط» الصعيد وصرخ قائلا: «أهلاً.. أهلاً.. انتوا رجعتوا... فقلت له مين إحنا يا افندم.. فقال.. الله مش انت ابن السعدنى فقلت له آه.. فقال أمال فين أبوك.. فقلت إنه لم يحضر بعد.. وهنا أمسك العقيد بالجواز وهو يهزه بحركات متلاحقة ويقول للضابط: خلى بالك منه كويس.. ده «صيد ثمين أوي».. ده أبوه محمود السعدنى اللى جنن الرئيس السادات.. وهنا رن فى أذنى كلمات الولد الشقى عندما حذرنى من أنهم فى مصر لو أرادوا أن يؤذوه.. فسوف تكون الأذية فى شخصى الضعيف.. وبدأ الضابط يجرى اتصالات بالوزارة ويتلقى تعليمات وبعد أن كنت انتظره فى الخارج بجوار الأتوبيس النهرى أو البشري.. أصبحت التعليمات أن أدخل الغرفة «السلك» وهى غرفة فيها شبابيك أى نعم ولكنها مسورة بأكملها بسور من الحديد من السلك وعلى الباب حراسة شديدة كل هذا يهون وماشى ولا غبار عليه ولكن الرفاق فى الغرفة والحق يقال كانوا من نوعية عجيبة.. فكلهم أفراد فى تنظيمات إسلامية شديدة الخطورة.. وقد اكتشفت أن الصفة الحميدة طالت شخصى الضعيف فأصبحت شديد الخطورة وإن لم أنتمى إلى أى تيار ديني.. وكان ضابط أمن الدولة كلما تلقى أوامر جديدة قام بإرسال الأتوبيس لكى يصحبنى إلى مكتبه.. قائلا: مكرم وكان صوت الرجل هو الشيء الوحيد القادر على اختراق كل الأسلاك الشائكة والحديدية والحراسة المشددة ليزلزل أرجاء المكان بما فيها قلبى الضعيف.. وكلما نادانى الرجل بـ«مكرم» وفى حركة آلية كانت كل الأنظار تتجه اليّ أما النظرات فكانت تشبه المكان فهى كما الحديد الذى يحيط بنا من كل مكان تشعر أن الإشعاع الخارج منها عبارة عن سيخ حديد محمى يريد أن يخترق جسدك.. وهو أمر لم أفكر فى أسبابه بقدر ما كنت أفكر فى النهاية المأساوية التى تنتظرني فقد اكتشف البيه الضابط.. أننى أهدد الأمن العام وأعكر صفو النظام السياسى على الرغم من أن خصومة السعدنى بالسادات انتهت بمقتل الرئيس السادات ولكن نظام الحكم الذى ورث السادات على ما يبدو ورث معه أيضاً خصومات الرجل فهكذا كانت تنبئ قسمات وجه الضابط العقيد الذى ارتسمت على وجهه كلما رآنى علامات السعادة بفوزه العظيم بالقبض على شخصى الضعيف صحيح.. ما أعظمه من انتظار المهم أن ضابط أمن الدولة سألنى سؤالاً مباشرة وقال: انت معاك أى أوراق من الخارج مطلوب تسليمها لأى إنسان فى مصر.. وهنا ضحكت وقلت للرجل.. أوراق ايه يا بيه بالضبط وداخل ايه وخارج بس.. أنا مصرى راجع أشوف بلدى وأهلي.. فقال لى وهو يمسك بجاكتة البدلة التى أرتديها.. الله البدلة دى باين عليها غالية ثم دس يده فى الجيب الداخلى وأخرج أجندة دون استئذان وقام بتصفحها ونقل كل اسم وكل رقم تليفون.. وسأل عن كل الأسماء وكل الأقارب وكل الأصدقاء ثم قال: فى حد من الناس دى له أقارب فى الخارج.. لو فى أى رسالة شفوية لازم أعرف تفاصيلها.. فقلت له: كل هذه الأسماء لأصدقاء وأقارب ليس لهم فى الخارج أحد سوى شخصى الضعيف.. وقال الضابط: واضح انك ح تتعبنى ونادى على أحدهم وتكرر نفس مشهد الضرب مرة أخرى وهو يقول: انت مش ح تستحمل الكلام ده.. فضحكت وقلت: أنا أساساً مش مستحمل أشوف اللى حصل.. تفتكر ح أتحمل قلم واحد من خف الجمل ده فقال الرجل: شوف كل زملاءك فى العراق بمجرد الوصول إلى أى ميناء مصرى بيعترفوا بكل حاجة.. وهنا صارحته حتى أعفيه من السؤال الذى هو لغير الله مذلة بأننى لا أخفى أى شيء يستحق الاعتراف فقال: طيب.. ونادى على الرجل اياه. وقال: رجعه على أوضة السلك تاني والحق أقول أن الجلوس إلى جانب الضابط وأتوبيسه النهرى كان أهون ألف مرة حتى لو وصل الأمر إلى الضرب.