رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

على فين؟

الفقراء لا يأكلون شيكولاتة.. ليس هناك مبرر لهذه الرفاهية الأرستقراطية.. فليس من حق الفقير أن يأكل شيكولاتة.. الفقراء يأكلون الخبز الحاف.. ويكفي أن يأكلوا الفول والطعمية فقط.. ولذلك تم إلقاء القبض على مواطن سرق قطعة شيكولاتة، وحرروا محضراً بشأنه، واقتادوه إلى النيابة.. بعدها تم إخلاء سبيله، وإحالته إلى محكمة الجنح بهذه الجريمة.. شيكولاتة لييييه؟.. شيكولاتة إيه يا ابنى؟!

وكان «اللص المنحوس» قد غافل العاملين فى سوبر ماركت، وسرق شيكولاتة.. حين خرج من البيت فى الصباح قال له ابنه: عاوز شيكولاتة يا بابا.. لم يكن الأب يملك هذه الرفاهية، لكنه كان ضعيفاً أمام رغبة ابنه، التى كانت ترن فى أذنيه.. وفعل فعلته، فصورته الكاميرات، وانفجر فيس بوك.. فمن يلوم صاحب السوبر ماركت، ومن يلوم النيابة.. ومن يقارن بين لصوص المليارات، وحرامى الشيكولاتة!

وتذكرت على الفور حرامى الخبز.. فمنذ سنوات قليلة سرق طفل خمسة أرغفة.. تم ضبط الطفل، وتحرير محضر أيضاً، وفى النيابة استمع رئيس النيابة لأقوال الشاكى والحرامى الصغير، وتمت إحالته للمحاكمة.. يومها سمعنا بالقصة فى المحكمة ورحنا نضرب كفاً بكف.. مفترض أن أحداً كان يتوقف أمام الجريمة.. صاحب المخبز، أو الضابط محرر المحضر، أو وكيل النيابة، أو حتى القاضى نفسه فى المحكمة!

لا أحد من هؤلاء توقف أمام القضية.. فلا صاحب المخبز عفا وأصلح، وأجره على الله، وهمس فى أذن الطفل إن كان يريد شيئاً أن يطلبه بعفة نفس، دون أن يسرق.. ولا الضابط همس فى أذن صاحب البلاغ أن يتراجع، أو يدفع الجنيه إلى صاحب المخبز، ولا وكيل النيابة قال بلاش لعب عيال!.. يا نهار اسود على حالة الفراغ دى.. تشعر أننا عندنا حالة رفاهية.. كل الدنيا تمام جداً، وتفرغنا لحرامى العيش!

السؤال: هل أريد أن أتسامح مع حرامى الشيكولاتة، أو حرامى الخبز، أم أن الأصل هو تعليم القيم والأخلاق للأطفال والكبار؟.. هل أريد أن أقول هناك لصوص للوطن ولأموال الوطن، اشمعنى حرامى الشيكولاتة الذى نحاسبه؟.. لا هذا ولا ذاك.. لكن ممكن أن نعلمه ألا يفعل دون أن نستهلك وقت الجميع بشيء تافه للغاية.. مجتمعات الرفاهية لا تنظر إلى هذه الأشياء.. لسنا أمام سرقة مشغولات ذهبية!

وبالمصادفة البحتة، عثرت فى اليوم نفسه على خبر طازج من إنجلترا.. الخبر يقول إن السلطات البريطانية قررت ألا تتعامل مع أى سرقة يتم الإبلاغ عنها، أقل من 100 جنيه استرلينى.. تخيلواااا؟.. وهذا الرقم يعادل عندنا أكثر من ألفى جنيه.. لا السلطات الأمنية تنشغل ولا تتحرك، ولا السلطات القضائية تسمع بها أصلاً.. هناك ما هو أهم.. هذه المسائل يتم تسويتها إما بالدفع فوراً وإما بالعفو فوراً!

اللصوص فى بلادنا نوعان.. نوع تضبطه الشرطة، وآخر تحرسه الشرطة.. وعلى أى حال، يعنينى هنا أن أتحدث عن طرق كثيرة جداً تسبق عملية التقاضى.. وأتحدث عن ملايين القضايا التى تعطل سير العدالة.. وكلها تافهة.. تشغل القُضاة عن القضايا الأهم.. وكان يمكن أن يعالجها الضابط، أو وكيل النيابة!