رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أول مرة أسمع فيها «أمن الدولة» كنا أطفالاً صغاراً فى العام 1971 وبالتحديد يوم 13 مايو عندما دق على جرس بابنا فى شارع البحر الأعظم بالجيزة، عدد كبير من الضباط يلبسون ملابس مدنية ومعهم النموذج التاريخى للمخبر المصرى الذى لم يتغير عبر الزمن ودخلوا الشقة واستأذنوا فى تفتيش البيت، وبالفعل اتجهوا إلى كل مكان وكانوا يبحثون عن أوراق التنظيم الطليعى وهو التنظيم السرى للزعيم الخالد جمال عبدالناصر وفى هذا اليوم انهارت أمنا الحبيبة رحمها الله وجعل مثواها الجنة فقد غاب الولد الشقى وأغلب الظن أن الرئيس السادات سوف يفتك به وفوق ذلك فقد كان بالبيت أوراق هامة تخص كوادر التنظيم وفيها أسماء لو وصلت إلى أيدى جهات التحقيق فإن أصحابها كانوا سيختفون وراء الشمس، وقد استطاع الولد الشقى ومعه الحاج إبراهيم نافع صديقه الفلاح الطيب أن يتخلصا من أغلب الأوراق فى عزبة العم إبراهيم بحرقها ودفنها، أما فى المنزل فقد تولت والدتى الغالية مهمة التخلص من الأوراق وكنا نقوم بتمزيق أوراق لم نفهم حرفاً مما هو مكتوب فيها وبعد ذلك نعبر الطريق إلى النيل لكي نلقى بالأوراق ولكن الكم كان عظيمًا فقررت أمى أن تحضر طشت الغسيل الكبير وهو من المعدن ووضعت فيه الأوراق وأحرقتها فى حمام منزلنا ولكن الأوراق لا تنتهى أبدًا على الرغم من العمل المتواصل.. وعندما جاء ضباط أمن الدولة.. وأمام انهيار الوالدة.. تقدم أحدهم بأدب جم وقال يا أفندم اعذرينا ده شغلنا، ومع ذلك احنا ح ننسحب ونتمنى نرجع وقت تانى تكونوا مستعدين للتفتيش.. وذهب الرجل الذى لم أعرف اسمه على الاطلاق وسحب خلفه كل الضباط والمخبرين وبعدها قامت أمى ومسحت دموعها وواصلنا مهمة تقطيع الأوراق وإلقائها فى النيل وإحراقها فى الحمام.. وتمضى سنوات طويلة فى المنفى ولا أمل فى العودة إلى الأرض التى عشقناها والبلد الذى تشرفنا بحمل جنسيته ويسمح السعدنى الكبير للوالدة وأخواتى البنات فقط بالعودة لزيارة مصر إلا أنا.. وهنا اعترضت ولكن بأدب فقد كان السعدنى الكبير مهاباً رغم شخصيته الساخرة الساحرة الجذابة، وقلت له اخوتى كل سنة بيرجعوا مصر وأنا لأ.. ليه؟! فقال: السادات لو عاوز يأذينى.. ح يأذينى فيك أنت.. فقلت للسعدنى الكبير.. إزاى.. هو لو فى نيته أذية ح يعمل كدة مع البنات.. فقال: البنات ما حدش ح يقدر يكلمهم.. لكن أنت ممكن يقولك عنده جيش وهات أوراق وشهادات وكشف عيلة واستمارة 6 وتدخل فى دوامة مش ح تعرف تخرج منها.. وهكذا كان حادث المنصة هو مفتاح العودة إلى مصر وكان السعدنى فى لندن فى هذا التوقيت.. وكنا فى بغداد حيث الأمن والأمان الحقيقى الذى شعرنا به أحيانًا وافتقدناه فى أحيان أخرى ولكنها كانت المقر الذى فيه عشنا ودرسنا وقررت أن أسافر إلى مصر وقطعت تذكرة السفر وكان الدخول للعراق سهلاً وهينًا وبلا تأشيرة ولكن الخروج منه هو الذى يتطلب شيئاً اسمه «خروجيه» وكان الحصول عليها اشبه بالغول والعنقاء والخل الوفى، ولهذا اتصلت بالسيد الفريق أمين الحافظ رئيس سوريا السابق اللاجئ فى العراق وطلبت منه أن يستخرج تصريح الخروج.. وبالفعل دوخت دوخة لا مثيل لها فى الخروج من العراق جوًا إلى الأردن ثم إلى القاهرة، وهناك كان اللقاء الثانى الذى جمعنى بأمن الدولة.

ولهذا حديث آخر