عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

خارج السطر

سيمرون كُرهاً مُنافقاً خلف آخر. سينفلتون بظلال التذلف وسمت العبودية. كأنهم «خدمٌ. خدم» بتعبير الراحل الجميل فاروق شوشة. سيذكرهم التاريخ كأنصاف رجال، وبقايا بشر، لأنهم تذللوا للسُلطة، وطبلوا للحاكم، ورسموا له طريق الفرعنة، وقدسوه كنبى، ومدحوه كإله.

واحد من هؤلاء نائب فى البرلمان تقدم بمذكرة قبل أيام اقترح فيها تعديل المادة 140 من الدستور والخاصة بفترة الرئاسة لتصبح ست سنوات بدلاً من أربع سنوات. قال الرجل فى تبريره التعديل إن السنوات الأربع غير كافية أبداً لتنفيذ برامج التنمية، وإتمام مشروعات التحديث، والمؤسف أن النائب المتطوع وجد مصفقين ومعضدين له داخل البرلمان.

التقهقر إلى الوراء ديدن الأمم الراقدة، تلك التى تعبد حكامها بعد أن تضفى عليهم صفات العظمة والحكمة وسداد الرأى. الانزلاق فى بئر النفاق شر، يضرب الشعوب الفقيرة نصف المتعلمة، الباحثة عن الستر والرغيف. كلما فتحت نافذة للتقدم سدها المنتفعون، وكلما غرست وردة إصلاح وتنمية داستها أحذية الهتيفة والمطأطئون. أى تنمية لا يمكن أن تتحقق إلا بمد فترة الرئاسة، وتأجيل موعد محاسبة الشعب للحاكم ؟ وكيف تنجح دول عديدة فى الاستفادة من حكامها أكبر استفادة فى أربع سنوات فقط؟

هل قدرنا أن يصبح أى حاكم لدينا هو الأقوى والأفضل والأرشد والأنبل والأعدل والأذكى والأدهى والأقدر والأتقن والأخلص؟

إن رفضنا أى تعديل لفترة الرئاسة بالدستور المصرى ترجع لاحترامنا المطلق بالدستور الذى توافق المصريون على وضعه بعد ثورتين احتشد الشعب فيهما آملاً فى التغيير، وأتصور أن الرئيس السيسى نفسه يرفض أى مساس بتغيير الدستور مؤمناً أن ما قرره الناس وما استفتوا عليه لا يجب أن يخضع لأهواء ورغبات شلل المنتفعين أو الباحثين عن حصانة. وأعتقد أن الرجل يعى تماماً أن عودة الحاكم الفرد تناقض مشروعه لبناء وطن حديث متطور يكفل الاستغناء لأبنائه ويمنحهم القدرة على التطلع نحو المستقبل بآمال عريضة وطموحات عالية.

الدستور ليس قرآناً. ليس مقدساً، ليس كلاماً ثابتاً إلى الأبد. نعم هذا صحيح، لكنه أيضاً ليس سلماً متحركاً، ليس مجرد جسر، ليس ممر انتقال. والكلام السهل عن تعديله وتغييره ونسفه وضبطه يحول تجربة الديمقراطية بالكامل إلى تمثيلية سخيفة سيئة الإخراج.

لقد كان دستور 1971 يحدد مدة رئاسة الجمهورية بفترتين على الأكثر، ورضخ الرئيس السادات تحت وطأة المنافقين، ومستشارى السوء إلى تعديل الدستور ليسمح للرئيس بالبقاء لأكثر من فترتين رئاسيتين، لكن إرادة الله شاءت ألا يحقق مراده لتغتاله رصاصات الغدر والإرهاب. لكن ذلك التعديل كان سبباً فى بقاء خلفه مبارك لأكثر من ثلاثين عاماً من عمر مصر متوحداً منفرداً، وحاكماً لا شريك له حتى وصل الحال بمصر إلى أشباه دولة.

لذا نقول ونكرر إن مصر لن تتقدم بالتطبيل والتهليل، بقصائد المدح، ووصلات التزلف والانحناء، بمقالات التغزل، وبأفكار التقديس والتفخيم، ولكن بالرأى والرأى الآخر، وبالإيمان العميق أن الحاكم خادم للناس، وأن أفعاله وأقواله وممارساته محل محاسبة دورية كل أربع سنوات.

والله أعلى وأعلم.

[email protected] com