رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لا تتعرض للقذف بالحجارة إلا الأشجار المثمرة ولا يقع في الخطأ سوى من يعمل كثيرا ، وليقيني في أن أجهزة المحليات وإداراتها العظيمة المحترمة في كافة أنحاء الجمهورية تقوم بواجباتها وأكثر و يتفانى غالبية موظفيها في الدفاع عن مصالح المواطنين وتطبيق القوانين بغض النظر عمن يدفع أكثر ، فمن الطبيعي أن يكون هؤلاء الأتقياء الأنقياء  ملطشة – كما يقول العامة – " لإللي يسوى وإللي ما يسواش " من الطبيعي أن يعمل هؤلاء ثم يُساء فِهم نواياهم الطيبة وتصرفاتهم النبيلة ، وبدلا من أن يُمنحوا شهادات التقدير والدروع والنياشين والأوسمة والذي منه ، تُطلق عليهم سهام النقد من جانب أعداء النجاح وتُوجه إليهم أبشع التهم التي لا يصح أن يوصم بها إلا الشياطين ، ولا أدري إلى متى ستظل سمعة هؤلاء هدفا مشروعا ينال منه أصحاب النفوس الضعيفة ؟ أليسوا أكثر الناس عرضة للإصابة بضربة الشمس وهم يضبطون المخالفين والمتجاوزين ؟ أليسوا أكثر الناس حرصا على الأراضي الزراعية ومواجهة كل من تسول له نفسه تجريفها وتبويرها والبناء عليها ؟ هل ضُبِطَ واحد منهم متلبسا برشوة أو إكرامية أو إتاوة أو سمسرة من أجل تسهيل بناء آراضي غير مرخصة لهذا الغرض ؟ هل يتسامحون مع من يغش مواد البناء أو يبني أدوارا مخالفة فوق أبنية متهالكة ؟ ومن الذي سيحمي مصر من قلة النظام والفوضى إن توقف  هؤلاء عن العمل لا قدر الله وسقط أهم وأشرف الأجهزة المصرية " المحليات " ؟ .

بالطبع لا يعني ما أشرت إليه أنني بصدد الحديث عن أنبياء أو أولياء صالحين ، بل بشر لهم أخطاؤهم التي لا يصح تضخيمها وتفخيمها لأنها مهما زادت فهي غير مؤثرة على التخطيط العمراني الرئع للقاهرة الساحرة وعلى الانسيابية غير المسبوقة في حركة المارة وعلى تنامي العشوائيات وانتشارها في كل مكان ، أخطاء لا تستوجب الحساب ولا العقاب وتصيدها تربص غير مبرر و نكران لسعي هؤلاء الدؤوب من أجل نشر ثقافة الجمال والنظافة والنظام ، وهل هناك الآن في العالم أجمل أو أنظف من شوارع جمهورية مصر العربية ؟ أخطاء لو أمعنا فيها التفكير لوجدناها تحمل بين طياتها الحكمة ونقاء الفطرة وسلامة النوايا ، والأمثلة أكثر من أن تُحصى :

( 1 )  إيمان بعض موظفي المحليات بعملية " الدرج المفتوح " وهي – على شبهتها – أفضل ألف مرة من أن يأخذ الموظف رشوة بيده سرا ويضعها في جيبه ، لأنه عندما يفتح الدرج يمارس عملا جماعيا حيث يقوم بتوزيع ما يُلقى فيه من أموال – حلالا بلالا – على أصدقائه وأحبائه من الموظفين والمدراء ووكلاء الوزارة ، أما عندما يتعاطى الرشوة بيده ثم يضعها في جيبه فسيكون مصيرها الوحيد يد زوجته التي ستفرتكها يمينا وشمالا على الفخفخة والمنظرة وتحتفظ له بالحديدة التي لن يجلس عليها طيلة الشهر فقط بل طيلة حياته الوظيفية منذ أول يوم حتى خروجه للمعاش .

( 2 )  عدم تعيين مجلس محلي مؤقت وعدم وجود أية بوادر على انتخاب هذا المجلس خلال الأعوام القادمة وهي خطوة تبدو خاطئة في نظر النشطاء والسياسيين والحقوقيين والعاملين في سوق الحرية والديمقراطية لأنها من وجهة نظرهم تهمش الرقابة الشعبية وتطلق يد الإدارات المحلية في فعل كل شيء والتحكم في أي شيء ، وعندما سألت أحد أصحاب الخبرة في هذا الخصوص رد علي ردا مقنعا مؤداه : ( وهل راقب مجلس النواب شيئا كي يراقب المجلس المحلي إن انتخب بعد عمر طويل ) ؟ .

( 3 )  إغلاق محلات مرخصة منذ زمن وغض الطرف عن تحويل وحدات سكنية بالأدوار الأولى – خاصة فى المدن الجديدة – وتحويل بعض أراضي المحالج لقاعات أفراح وملاعب خماسية ومدن ملاهي للأطفال وكافيتريات وغيرها من الأمور المتفردة التي تعبر عن رؤية جديدة للتغيير ورغبة  صادقة في تحريك المياه الراكدة وكسر قيود الروتين ، ويكفي موظفو المحليات فخرا أنه على يدهم بلغت نسبة المخالفات البناء في مصر – بحسب إحصاء وزارة الإسكان الأخير – حوالي 90% من إجمالي العقارات الموجودة في مصر وهو إحصاء إن دل على شيء فإنما يدل على طيبة الموظفين وعدم رغبتهم في تعكير مزاج الشعب حتى ولو بمخالفة القانون فهنيئا لنا بالمحليات التي لم يعد فسادها للركب كما سبق أن ادعى زكريا عزمي أحد أهم أقطاب الحزب الوطني المنحل ، بل تجاوز الفساد الركب إلى الأمعاء فالصدور فالأفواه فالأنوف فالعقول  حتى تكيفنا معه وتكيف معنا وتفرجنا على انحدارنا بمنتهى الرضى فهل يمكن استعادتنا لأنفسنا في يوم من الأيام ؟ ربنا يرحمنا .