رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

خارج السطر

نفوس نقية، مُخلصة، سعت إلى الجنة فأخطأتها، وآمنت بالجهاد، فسقطت فى شراك الإرهاب وسفك الدماء. فقدت بوصلة الانتقاء بين النضال، والعُنف، وتاهت خُطاها من صناعة الحُب إلى صناعة الموت.

ذلك مُلخص الكتاب القيّم التى وصلنى من الكاتبة والإعلامية القديرة سوزان حرفى حول النظام الخاص للإخوان المُسلمين. كُنت قبل أيام أتناقش مع الزميل الصديق الأستاذ وجدى زين الدين عن سر استمرار جماعة الإخوان لنحو تسعين عامًا، واتفقنا أن تحويل حسن البنا، مؤسس الجماعة، من سياسى انتهازى إلى «شهيد» على أيدى سُلطة غبية فى فبراير 1949 أثار تعاطفًا مع الجماعة وصورها كتنظيم مُضطهد، ثُم أدى إعدام سيد قطب بعد ذلك فى أغسطس 1966 إلى تأكيد فكرة «المظلومية».

أما سوزان حرفى، الباحثة دائمًا عن المتاعب، فتُقدم رؤية جديدة تتمثل فى بقاء الجماعة طوال تلك العقود بفضل نظامها الخاص أو السرى الذى يعمل تحت الأرض. تؤكد سوزان أن أعضاء النظام مزروعون فى كافة المؤسسات: القضاء، الأحزاب، الهيئات الحكومية وحتى الأجهزة الأمنية نفسها.

وعودة إلى تاريخ إنشاء الجهاز سنة 1938 وتكليف عبدالرحمن السندى بقيادته، نكتشف كيف كان الهدف ساميًا ثم انقلب شراًّ مُستطيرًا. لقد أجمع قيادات الجهاز فى مذكراتهم أن تأسيس الجهاز جاء لمحاربة 80 ألف جندى بريطانى يحتلون مصر، لكن فى حقيقة الأمر فقد تجنب حسن البنا مشاركة الجهاز فى أى أعمال مقاومة للاحتلال، وتم توجيه معظم العمليات نحو الخصوم السياسيين من المصريين، بدءًا بأحمد ماهر، رئيس الوزراء سنة 1945، ثُم القاضى أحمد الخازندار فى العام التالى، وحتى محمود فهمى النقراشى، رئيس الوزراء نفسه سنة 1948. والموجع أن يجد قادة الإخوان مُبررات يرونها «شرعية» لقتل خصومهم، وتصل الوضاعة بيوسف القرضاوى عندما كان أحد شباب الجماعة أن يكتب شعرًا يمدح فيه عبدالمجيد حسن قاتل النقراشى قائلاً: «عبدالمجيد تحية وسلامًا/ أبشر فإنك للشباب إمامًا/ سممت كلبًا جاء كلبٌ بعده/ ولكل كلبٍ عندًا سمامًا».

والمُحزن أن يجتذب الجهاز الخاص عشرات الأنقياء الباحثين عن تضحيات ليُصبحوا دُمى فى أيدى انتهازى الجماعة، فيطلقون الرصاص على هذا وذاك طاعة لقادتهم،ا لذين سرعان ما يتبرأون منهم ومن عُنفهم.

وتورد المؤلفة طقوس الانضمام إلى الجهاز الخاص، حيث يدخل العضو المتحمس للجهاد إلى غرفة مع عبدالرحمن السندى، ليجد أمامه شخصاً مُلثماً وسيطاً للمرشد يُقسم أمامه على المصحف بالطاعة العمياء. والطريف أن عبدالعزيز كامل، وزير الأوقاف الأسبق دخل إلى تلك الغرفة، ثم صاح فى الرجل المُلثم بأن هذه الطقوس ليست من الإسلام، وقال إنه يعرفه من صوته مُجاهرًا أنه أمام صالح عشماوى.

وهكذا كان الجهاز السرى أقوى من الجماعة نفسها، وحسبنا أن نعرف أن ذلك الجهاز استطاع عقب وفاة حسن الهضيبى سنة 1974 من دفع الإخوان لمبايعة مُرشد سرى لا يعرفه أحد، ثُم اكتشف الإخوان سنة 1977 اسم ذلك المرشد عند وفاته وهو الشيخ مرزوق.

تلك كانت سمة أخرى ساعدت على طول عُمر الجماعة: السرية، والعمل تحت الأرض، كما تؤكد سوزان حرفى.

والله أعلم.

[email protected] com