رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لا أحب لعبة كرة القدم، لكم التوتر والانفعال المستمر طيلة الدقائق التي تستمر لأكثر من 90 دقيقة أو أكثر إذا كان هناك تعادل أو بطولة أو وقت إضافي، ولا أستمتع وأفرح بضربات الجزاء لأنها حظ وقدر وحالة نفسية تصيب اللاعبين وجمهور المشاهدين، ولأن هؤلاء اللعيبة يعتمدون أكثر على المهارات الفردية والحالة النفسية والظروف الجوية والبشرية المحيطة، ولأن فكرة الفريق واللعب الجماعي ما هي إلا وهم كبير نحاول دوماً أن نرسخه في العقول، بينما الواقع أن اللعبة تعتمد على أفراد متميزين ولهذا تلمع أسماء نجوم الكرة في كل فريق وكل بلد وفق من يحرز الأهداف ويجيب الأجوال.... وينسى الجميع كل الترتيبات التي سبقت المباراة والإعداد والتدريب وبقية اللاعبين الذين يعدون "كومبارس" أو يلعبون أدوارا ثانية.

المهم أن تلك اللعبة الكروية هي لعبة من أنواع الصراع البشري والدراما الحياتية يعيشها البشر مختصرة وملخصة في سويعات ويستبدلونها بالانتماءات السياسية والعقائدية والفكرية، ولهذا فإن انتعاش لعبة الكرة ظهر بعد الحرب العالمية الأولى والثانية، لأن دول أوروبا أيقنت أن صراعاتها السياسية والحربية التي أدت بحياة ملايين البشر وضياع مستعمراتها في العالم آن له أن ينتهي، فاستبدلت الصراع الحربي والعسكري والاقتصادي بوحدة وآلية وأيضاً بصراع كروي بفرق أوروبا ودولها في مسابقة عالمية يستعد لها العالم كل أربع سنوات ومسابقات سنوية لدول أوروبا تخطف الأبصار وتحبس الأنفاس مثلها مثل الحروب ولكنها صراعات تنتهي سريعاً بأقل الخسائر وبفوز وانتصار وفرحة وإعلانات وتنفيس للكبت البشري والضغط الإنساني الذي يعيشه الإنسان في العصر الحديث سواء في الدول المرفهة أو الدول التي تعاني اقتصادياً وسياسياً.

وحالة الهوس التي أصابت المصريين في نهائي كأس إفريقيا حالة صحية و"بشرة خير" وأمل أن المصريين قد كسبوا وفازوا على أنفسهم وعلى ظروفهم الحياتية والمعيشية لأن المصريين اجتمعوا في حب بلادهم وفي الرغبة لأن يحققوا أي نجاح أو أي انتصار على كل ما مروا به وعلى فشل حلمهم الحقيقي في التغيير والقضاء على الفساد وعلى الجهل والفقر والمرض.... صارت الكرة والمباراة النهائية هي المعادل الموضوعي لسنوات الانقسام الفكري التي أصابت مصر وأبناءها، داخل الأسرة الواحدة كان الصراع مشتعلاً والخصام، لأن لكلٍّ فكرا ورأيا وتوجها، واحتدم الخلاف بين الأجيال وبين الأبناء والآباء وبين الشباب والكبار وضاع من ضاع وقتل من قتل وإذا بفوز فريق مصر على فريق غانا في الدور قبل النهائي، إذا به شرارة الانطلاق نحو الوحدة المصرية والالتفاف الشعبي على هدف كبير وهدف عظيم ألا وهو النصر الذي لم يستطع المصري تحقيقه بعد على أرض الواقع سواء في سيناء أو في الاقتصاد وارتفاع الأسعار أو في التعليم ومشاكله أو في البطالة أو في الزيادة السكانية أو في المرور أو في الفتاوى الدينية التي تتعارض مع الدولة المدنية والحقوق الأسرية حتى الفن المصري لم يعد يحصد الجوائز العربية أو الدولية أو المحلية.... حالة من اليأس والإحباط قد أصابت المصريين، لكن فوز فريق مصر على غانا أعاد روح الأمل والنصر للجميع ولهذا كان الحشد وكان التجمع وكان الأمل في فوز وفي الحصول على الكأس لنسترد كرامتنا ونسترد حلمنا ونرفع رأسنا في القارة الإفريقية والعالم..

 لم نفز في المباراة ولكننا فزنا وكسبنا عودة الروح المصرية وعودة الثقة في قدرتنا على تخطي المصاعب.... خسارة الفريق لأن الثقة لم تعد كاملة بعد والخوف من الفشل هو المنافس الحقيقي لنا..... كسبنا أنفسنا وبلادنا مصر.