رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

على أبواب معرض الكتاب، المشّكلة كأزهار اللوتس المشرعة للسماء، تدلت رأس «صلاح عبدالصبور» الوديع، تنزف رقبته الدماء، وينزف قلمه حزنًا وحقيقة،  وعلى الأرض سار الحزن بين دور النشر ومنصات الإلقاء كما سار العفن فى دورات المياه، والسماء امتلأت بالغربان الناعقة والصقور الجارحة، الوجوه المبتسمة فى بلاهة، واللوحات المعلقة بجهامة، تحمل لنا الموت والكلمات والأتربة السوداء، هذا هو معرضنا للكتاب، حيث الكل يبحث عن دور، والجميع يدخن سيجارته ويلقي أشعاره ويوقع روايته ويطنطن بقصصه، والكل يشجب ويدين ويستعرض قدراته.

 الكل يلتقط الصور ويتباهي بالمجد التافه، وصاحب المولد، وجهه المبتسم معلق على جميع الأبواب وفى حضن القاعات، يطل علينا فى يأس، يبتسم فى خسارة، أنتم الذين تسيرون فى الجنازات، أحياء وأمواتا، نفس الوجوه لم تتغير، ها هو «هيكل» يحجب مرتبي ويتركنى مشردًا للبطالة، وها هو «أدونيس» ينهش سيرتي ويلصق بى الاتهامات الزائفة، وأنا أسير وأتجول فى الطرقات أحمل على كتفي المجد ودموع الحلاج، أطل عليكم وأشم رائحة عرقكم القذرة، أفواهكم لا تتحدث بل تنهش فى السيرة والجسد والتاريخ، تصرخون كالعاهرات، تثرثرون كالعجائز على الماضي القديم، وتتشدقون بالإنجازات البلهاء، دون وعي بما جاء وبما تمرون به وبما هو آت.

 أنتم يا حاملى نعشي، يا قارئي آياتى وأبيات شعري، انتم يا أبطال مسرحياتي العبثية، هل تعرفون من أنا، أنا الفارس القديم، أنا والد: معتزة ومي، مي التى تتسول منكم السجائر والإشفاق والألم على المقاهي ونواصى الحارات، هل دعوتمهما كي تريا « جثتي» أو تقرآ الفاتحة على صورتي، أو تقبلا رأسي المبتسم النازف على أعمدتكم الشاهقة، كلا، لم تتذكروهما، كما لم تتذكروا لى إلا الخراب والخيانة وبعض البطولات.

 لا تتذكروا لى إلا مواقف صنعها أصحاب قيصر الذى مات، من منكم قرأ الفاتحة على روحى قبل أن يقص شريط معرض العزاء العظيم، من منكم سن السكين التى تذبحنى، من منكم ألقي لي قصيدة قديمة، أو نظر لصورتى المعلقة فى جميع الطرقات، من منكم يعرف سيرة الخمسين عامًا المحملة بالألم، أنتم يا من تسيرون فى الجنازات، كما تسيرون فى المسرات، ألم يعد فى وجوهكم أى حياء، أنتم يا من تتجولون على أديم معرض يخشي الحياة.