رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

من وقت لأخر أبحث فى تاريخ الدول لعلى أخرج بتجربة قد تنفعنا ونتعلم منها ، فتبادل التجارب بين الدول أمرا محمودا ويرشد الإنسان عن موقعه الحقيقى بين الدول. فالتعلم من الآخرين ليس عيبا بل إن العيب وكل العيب الإعتقاد بالتفرد والأفضلية فى حين أن الدول تتسابق من حولنا لتحقيق التقدم لشعوبها والنهوض بمستوى التنمية.

 

واليوم لن أحدثكم عن تقدم أحدى الدول الأوربية و لكن سأطلعكم على معجزة أبطالها من أدغال أفريقيا قارتنا السمراء ألا وهى دولة "روندا" وكيف استطاعت هذه الدولة أن تنجح فى القضاء على الخلاف والإختلاف بين فصائلها و إنهاء الحروب الأهلية التى قضت وقتها على الأخضر و اليابس إلى أن تصبح الآن فى مصاف الدول الأفريقية و تتقدم على العديد منها .

فقد حققت رواندا في مجالات الاقتصاد والصحة والتعليم وتمكين المرأة ، إنجازات عجزت العديد من الدول النامية الأخرى عن بلوغها ، كما صنفت منظمة الأمم المتحدة مدينة " كيجالى " عاصمة روندا كأجمل مدينة فى أفريقيا عام 2015 ، و الآن أصبحت رواندا في عام 2016 أولى الدول الأفريقية جذبا لرجال الأعمال .. وفقا لتقرير السوق الأفريقية المشتركة.

وأليكم قصة نهضة روندا لعل وعسى تكون لنا درسا مفيدا نتعلم منه لحل الأزمات الاقتصادية العديدة التي تشهدها مصر الآن حتى انتهت بانهيار عملة الجنيه أمام الدولار ..

 

ففى البداية كانت رواندا مجرد بقايا دولة نتيجة الحرب التى دارت فيها بين قبائها و أشهرهم قبيلتى الهوتو والتوتسى  و ذلك للصراع على السلطة راح ضحيتها أكثر من مليون إنسان ، ولكن الجميع أيقن بعدها بأن العنف لا يولد إلا العنف ، وأنه لابد من وضع حدا لهذه الإبادة ، و بعد أن أستقر الوضع وتم التصالح بين القبائل المتناحرة ، كانت البداية هى وضع دستور ينص على المصالحة الوطنية وإعادة تأهيل المتورطين فى العنف وذلك من خلال برامج تعليمية وتثقيفية ، وسُنت القوانين الصارمة التى تواجه أى خطاب عنصرى.

 

وأهتمت الحكومة بمد الخدمات فى كافة المحافظات دون تمييز منعا لنشوب ضغائن بين أهالى المحافظات وبعضها البعض ثم وضعت الحكومة برنامجا لتقسيم المحافظات و توزيع السكان حتى تعزز قيم المواطنة وإلغاء فكرة القبلية .

 

أيقن الروانديون بأهمية التعليم و علموا بأن القوانين لن تجدى نفعا بدون الإرتقاء بالتعليم وحملات التوعية المستمرة سواء فى المناهج التعليمية أو من خلال الإعلام، ولذلك وفرت حكومة روندا جزءا كبيرا من ميزانيتها للتعليم ووضعت نظاما لإعادة المتسربين من التعليم وركزت روندا فى مناهجها على فكرة محاربة العنصرية والقبلية وعززت فكرة التسامح و تقبل الآخر و المواطنة، وحرصت الحكومة على توفير تعليم جيد للمواطنين مع الحد من العبء المادى على أولياء الأمور .

 

و كانت الخطوة الثانية هى تركيز الحكومة على بناء الإقتصاد والإستفادة القصوى من ثروات البلاد الزراعية بعد انهيار السياحة فى روندا نتيجة النزاعات المسلحة فيها، حيث أدركت روندا أن الزراعة هى الركيزة الأساسية التى ستنهض من خلالها البلاد وهذا ما سعت إليه بالفعل، وأصبحت روندا الآن واحدة من الدول الإقتصادية الرائدة فى أفريقيا بسبب اعتمادها على الزراعة بشكل كبير وهذا طبقا لتقرير السوق الأفريقية المشتركة (الكوميسا) .

 

وعادت الحكومة للتركيز على ثروات البلاد السياحية حتى أصبحت الآن تستقبل مليون سائح سنويا، بعد أن كانت بلدا طاردا لأبناءه فضلا عن السياح، واعتمد فى ذلك على 3 مباديء لجذب السياحة وهي :

استغلال الثروات الطبيعية والتوسع في الحدائق العامة وجذب الاستثمار.

إلغاء التأشيرة للأجانب سواء أفارقة أو أوروبيين أو آسيويين أو غيرهم.

نظافة المدن وإعادة بناءها على الطراز الحديث حتى حازت العاصمة كيجالي لقب أنظف عاصمة أفريقية من الأمم المتحدة.

مع الجدية في محاربة الفساد حتى أصبحت الزراعة والسياحة تمثل 70% من القوة الاقتصادية .

في تلك السنوات الأخيرة تضاعف متوسط دخل الفرد ثلاثة مرات بسبب الانتعاش الاقتصادي، وكان المأخذ الوحيد على الاقتصاد الرواندي هو عدم اتجاه الدولة للاستثمار في الصناعات المعتمدة بشكل كبير على التكنولوجيا.

إنجازات أخرى حققتها رواندا في مجالات أخرى مثل الصحة والاهتمام بتقليص وفيات الأطفال والرضع.

 

كما تسعى روندا الآن إلى الإعتماد على نفسها بالحد من المساعدات الأجنبية وذلك من خلال جذب العديد من المستثمرين والإستثمار فى ثرواتها المعدنية والكهرباء والطاقة.

وأخيرا وليس آخرا: فهل يمكن لمصر أن تتعلم شيئا من تجربة رواندا؟