رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

آفة الصحافة

كانت صورة مُركبة للمُستشارة الألمانية " أنجيلا ميركل " وهي ترتدي الحجاب الأسود قد أثارت غضبًا في الأوساط الألمانية ضد محطة تليفزيون محلية ، ظهرت فيها بغطاء الرأس أمام مآذن لمسجد فوق مستوى ارتفاع مقر الحكومة الألمانية  " الرايخستاج " ، وذلك أثناء حلقة نقاشية تلفزيونية عن ملف المهاجرين الذين يتدفقون على ألمانيا ، الأمر الذى آثار انقسامًا في تلك الدولة الأوروبية ، بين مؤيد للهجرة وتحديد حصة من المهاجرين لمنحهُم حق الإقامة في ألمانيا ومُعارض لتلك السياسة ، وتسببت الصورة - التي أطلق عليها مُقدم البرنامج اسم "ميركا"- في تقدُم بعض المُشاهدين بشكاوى لأنها تُشبه الصورة المُستخدمة على ملصقات مسيرات جماعة "بيجيدا" المُعادية للمسلمين في أوروبا.

وكلّما وقع حادث إرهابي يتم القاء اللوم على ميركل على اعتبار ان سياستها فتحت أبواب بلادها لاستقبال اللاجئين ، ويرتفع صوت المعارضة الألمانية ، وهو الأمر الذى طرح مؤخراً أسئلة حول مدى تغير سياسة ألمانيا تجاه اللاجئين بعد حادثة الدهس ؟ جراء قيام الشاب التونسى " أنيس العامرى " بقيادة شاحنة فى عملية دهس حشد شعبي في سوق مزدحمة لأعياد الميلاد وسط مدينة برلين ، أدت الى مصرع 12 مواطن وأصابة 48 ، وذلك مساء الاثنين 19  ديسمبر الماضى ، ليس ذلك فحسب بل أفادت مُعظم وسائل الاعلام الأوروبية ان ميركل تواجه هبوطًا في شعبيتها وتراجع الأسهم السياسية لها كثيراً ، اضافة الى ارتفاع أصوات جديدة بدأت تطالب بخروج المانيا من الاتحاد الأوروبى .

وميركل تحاول بشدة انقاذ موقفها وقد بدى ذلك في أول رد فعل لها على حادث برلين الإرهابي بقولها أن بلادها لن تقف مكتوفة الأيدي أمام الاعتداءات الإرهابية ، متعهّدة بمحاكمة من قاموا بتنفيذ الهجوم بكل الوسائل المتاحة.

يأتى ذلك فى الوقت الذى تسعي فيه ألمانيا لإنشاء جيش أوروبي ، لإحكام قبضة برلين عسكريا على أوروبا، بعد أن تحقق لها ذلك اقتصاديا وسياسيا ، وكانت القيادة الألمانية قد أجرت مؤخرا سلسلة من المفاوضات المكثفة مع الحلفاء الأوروبيين لهذا الغرض .

فبعد «بريكست» (خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي)، فإن جيشا جبارا جديدا «إمبراطوريا» تحت إمرة برلين مدعو للدفاع عن الاتحاد الأوروبي من روسيا ، على ان  يتم في البداية إنشاء محور برلين ـ باريس ـ وارسو، وتستطيع العواصم الأوروبية الأخرى مع الوقت الانضمام إليه.

كما أجرت " ميركل " أيضاً مباحثات مع كبار زعماء فرنسا وإيطاليا في الجزيرة الإيطالية فينتوتين، وبعد ذلك في وارسو مع «رباعية فيشيغرادسكي (بالبولندية)» (بولندا، التشيك، سلوفاكيا وهنغاريا).

وفي كل مكان فى أوروبا تطرح مسألة إنشاء ما يسمى «الجيش الأوروبي» والتي يصورونها «ردة فعل طبيعية» على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ويعللون ذلك بزيادة التهديدات الخارجية (سوريا، الإرهاب، أوكرانيا)، وتنامي مسؤولية الأوروبيين لصدها.

ولا شك في أن مسئولية أوروبا لا تكفي. ولكن ما يثير شكوكا كبيرة هو أن الساسة الأوروبيين الذين يتذرعون بالمخاطر الأمنية لبلادهم واقعيا هدفهم إنشاء جيش أوروبي خاص، والخروج بألمانيا إلى مستوى دولة عسكرية عالمية.

اذا مايجب ان نعرفه جيدا ان عملية الدهس الارهابية بالشاحنة التى ارتكبها التونسى " أنيس العامرى " فى برلين ليست هى السبب الحقيقى لهبوط شعبية ميركل ، ولا سياسة الباب المفتوح فى المانيا لاستقبال اللاجئين ايضاً هى السبب ، ولكن السبب الحقيقى هو انتهاج معظم وسائل الاعلام الأوروبية استراتيجية لاسقاط ميركل وتعطيل وتحطيم الحلم الألمانى الجديد فى انشاء جيشاً أوروبياً تقوده المانيا ، خوفاً من تكرار مآساة وويلات حرب جديدة أسوة بما حدث فى كل من الحربين العالميتين الأولى والثانية .

أما اعادة وسائل اعلام أوروبية لنشر الصورة المُركبة لـ ميركل بالحجاب الأسود والسخرية منها بإطلاق اسم " ميركا " عليها فما هو الا فخ سياسى لإسقاطها فى بيركا .

[email protected]