عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

هل أصبحت العلاقات المصرية بالدول الأخرى، خاصة الدول العربية مستباحة لمحترفى الشتائم والصراخ بكل ألوان السباب يوجهه البعض ممن احتلوا شاشات فضائية لدول تختلف مع مصر أو حتى تناصب مصر عداءً واضحاً؟

علاقات الدول يجب أن تبقى فى إطار الإبقاء على «شعرة معاوية» حتى مع من يمعنون فى الخصومة، وإذا كان هذا هو المبدأ العام الذى يجب أن نراعيه فإن هذا المبدأ يجب أن نراعيه بكل صرامة عندما يتعلق الأمر بدولة عربية مهما بلغت درجة الخصومة أو العداء الذى يمارسه حكام هذه الدولة أو تلك.

العلاقات العربية - العربية ترتكز فى الأساس على علاقات أخرى حقيقية بين الشعوب العربية، وهذه العلاقات الأخوية تتجاوز علاقات أنظمة الحكم، بل كثيراً ما نلمس نحن المصريين تعاطفاً ودوداً من شعوب عربية شقيقة يمارس حكامها أكثر ألوان الخصومة والعداء تجاه مصر.

هذه العلاقات العربية - العربية  دائماً ما تصفو بعد أن تزول أسباب الخلاف والصراع بين أنظمة الحكم، سواء بتغيير هذه الأنظمة أو بتغيير الظروف التى ساهمت فى تأجيج الصراع بين هذه الأنظمة.

أشعر بالفزع هذه الأيام وأنا أشاهد بعض المتشنجين على شاشات فضائيات مصرية وهم يهبطون بعبارات السباب الموجهة إلى من تختلف معهم إلى درك غير مسبوق.

وأعلم علم اليقين أن الطرف الآخر يمعن فى استخدام أحط ألوان السباب والشتائم، ورغم ذلك فإننى أتصور أننا فى مصر يجب أن نقدم النموذج المحترم للتعامل مع الخصوم، فلا تستفزنا الممارسات المنحطة لهؤلاء الخصوم فنندفع لنجاريهم فى الفجور.

وفى هذا السياق فإننى أؤكد أن رد الفعل الذى يتسم بالهدوء وتوضيح الحقائق التى تكشف الزيف والتضليل الذى يعتمد عليه الخصم دون التورط  فى السباب والشتائم بهذه الطريقة يؤكد أولاً أننا فى مصر نقدم للأشقاء العرب النموذج الذى يجب أن يسود عندما تنشب خلافات أو صراعات عربية - عربية.

وأؤكد أن الجماهير فى جميع البلاد العربية تتعاطف بقوة مع هذا الأسلوب «المحترم» فى التعامل مع الخصوم، وكلما أمعن أحد الطرفين فى الفجور فى خصومته، واستخدم أساليب السباب والشتائم، أيقنت الجماهير أن هذا الخصم الذى يعتمد على السباب لا يملك المنطق السليم الذى يكشف زيف وتضليل الخصم.

والنتيجة الطبيعية فى مثل هذه الظروف هى تعاطف الجماهير مع من يقابل الشتائم بعبارات مهذبة ومنطق سليم يدحض دعاوى الخصم ويكشف أكاذيبه وضلالاته.

وإذا كانت فضائية الجزيرة التى تملكها إمارة قطر قد ذهبت فى الهجوم على مصر إلى أبعد مدى، فعلينا أن نواجه أكاذيب وتضليل هذه القناة بالمنطق السليم وبالعبارات المهذبة التى تليق بقامة وقيمة مصر.

وأخشى ما أخشاه أن تكون النتيجة الطبيعية لموجات السباب التى تتدفق من بعض الفضائيات المصرية، أخشى أن هذا الأسلوب يمنح هذه القناة تعاطفاً من قطاعات كبيرة من الشعوب العربية التى تنفر من السباب المقذع الذى يتجاوز فى كثير من الأحيان هذه القناة ليصيب شعب قطر العربى بجروح غائرة.

وهنا أذكر بما فعله بعض الفضائيات فى واقعة جرت بين فريقى كرة القدم المصرى والجزائرى فى الخرطوم.

يومها انطلقت أبواق الشتائم من بعض الفضائيات وتصاعدت وتيرة السباب، وحدثت وقيعة مؤسفة بين مصر والجزائر بسبب هذه التصرفات الطائشة، وبذل العقلاء من الطرفين مصر والجزائر جهوداً مضنية لتهدئة الخصومة ثم لإعادة العلاقات الأخوية إلى مستوى معقول ولا أقول عادت إلى طبيعتها تماماً بسرعة، وخسر الطرفان مصر والجزائر كل منهما الكثير فى فترة الخصومة الفاجرة التى صنعتها أصوات غير مسئولة تتدفق شتائمها على شاشات فضائيات أو على أثير إذاعة أو صفحات جريدة.

يا سادة يا كرام.. العلاقات بين الدول يجب ألا تترك لهواة تأجيج الصراعات ومحترفى الشتائم، خاصة العلاقات العربية - العربية، فالجروح لا تصيب حاكم الدولة أو نظامها السياسى فقط، بل تتعداه دائماً إلى الشعوب، والجرح إذا أصاب الشعوب فى كرامتها أو كبريائها يبقى جرحاً غائراً، وقديماً قال الشاعر العربى:

وجرح السيف تأسوه فيبرا

ولا يلتام ما جرح اللسان.