رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

من الواضح أننا نعيش الآن فى مصرين، واحدة للأجراء وأخرى للأمراء، وننظر بعينين، عين ترى ما لا تحب، وثانية لا ترى ما تحب، ونتحدث بلغتين، لغة خوف من الأقوى ولغة تبجح مع الأضعف، ونعانى علتين، كبتاً لا يولد انفجاراً، وصبراً يعود الانكسار، ونسير فى اتجاهين، نسير للخلف فعلاً، ونتطلع للمستقبل قولاً، ونموت مرتين، مرة عندما تستعبدنا الاحتياجات ونستأنس القهر الذى يحيلنا إلى نماذج بشرية غير قابلة للانفجار.

وأخرى عندما نستصرخ ضمائر من بيدهم أمرنا ولا حياة لمن تنادى، ونعيش كارثتين، الأولى عندما يصبح وادينا الأخضر غابة أسمنتية، وتطرح التربة السوداء عمارات وبيوتاً وفللاً، والثانية عندما تنفق المليارات المتبقية على اختبار الصحارى ومدى قلوية أو حمضية أو صخرية التربة، وتكون النتيجة انحصار الموارد وضياع القمح الذى نأكله، وتحكمنا سياستان، سياسة معلنة صالحة للاستهلاك الإعلامى وغير قابلة للهضم، وسياسة غير معلنة لا تتفاعل معنا ومع قضايانا وتوجه فى غير صالحنا وتقتل فينا الولاء لهذا الوطن مع سبق الإصرار والترصد، ويتنازعنا انفعالان، حراك عاصف يخيل إلينا أنه سينتهى بثورة.

ثم استسلام غير مبرر وسكون مميت، ونضحك ضحكتين، ضحكة صفراء خبيثة نرسمها باستمرار على وجوهنا لنستطيع التواصل، وضحكة خضراء صافية من القلب، ومع ذلك تولد وتموت فى لحظات، وتنقسم أسئلتنا إلى نمطين، أسئلة لا يصح الإجابة عنها وإضاعة الوقت فيها والالتفات لها، مثل: «هل يجوز للأنثى أن تنام بجانب حائط ذكر؟.. وفى المقابل هل يجوز للذكر أن ينام فوق الأرض وهى أنثى؟»، وأسئلة تحتاج فى إجابتها لمجلدات، وكثيراً ما تطرح ببساطة فى معظم وسائل الإعلام دون معرفة بأبعادها وجوانبها، مثل: «كيف ترى مستقبل مصر؟»

ونرتضى واقعين مشتبكين، واقعاً تسير فيه عربات الكارو فى المقدمة وتمنع وراءها عشرات السيارات الشاهدة على ما وصل إليه العالم من تقدم علمى، وواقعاً آخر يكون على رأس السلطة فيه مدعون مصابون بالجفاف الفكرى، ورغم ذلك مسلطة عليهم الأضواء، ويتوارى خلفهم مثقفون حقيقيون تكاثرت عليهم فيروسات اليأس والهم من قسوة الفقر ومرارة الانتظار وغياب العدالة وفساد مناخ أدى لوجود هؤلاء مدى الحياة فى الظل، ونظهر دوماً بضميرين، ضمير يقظ وحاد، يرفض تجاوزات الآخرين ومخالفاتهم ويعتبرها انتهاكاً للدين والقيم والأعراف الاجتماعية، وضمير مهادن طيب متسامح يرى أخطاء الذات مقبولة ومستساغة ويوفر لها المبررات الكافية لتكرارها، بتقدير معظمنا وتحتاج إلى إعادة تطبيع علاقاتها معنا.

وفئة أخرى من رجال الدين وهم أولئك الذين يسيسونه ويتاجرون به، ويتصدون للفتوى بغير علم، ويثيرون فينا البلبلة.. إن غرقنا فى متاهة التناقضات جعلنا نتعودها ولا ندرك خطورتها، صرنا نفعل شيئاً ونقول شيئاً آخر، وفقدنا الثوابت، لم يعد الهدف الذى نريده هو ما نسعى إليه، وكل ما فينا وحولنا أصبح ذا وجهين، حقيقى ومصطنع، فأيهما نختار، وأيهما ندع؟.. إنها المتاهة.