من نقطة الأصل
إبداعات كبار الكتاب والأدباء وعظماء رجال الفكر والصحفيين هى شموس لا يخبو ضوؤها ولا ينطفئ نورها فى سماء المعارف والعلوم والآداب عبر العصور وإن تنافرت أو تناثرت وتشتت!.. البصمات جلية واضحة فى الصحافة والإذاعة والتليفزيون.. والمفارقة أنه بالإمكان استدعاء العديد منها من على الشبكات والمحطات الفضائية!.. ومن العجب ألا يتم استثمارها حتى الآن ثقافياً، بل وسياحياً!.. فى العصر الليبرالى العظيم كانت هناك مقاه خاصة يذاع بها أغانى كوكب الشرق أم كلثوم وروادها كلهم يسعون إليها لسماعها فقط، وشرائط الأغانى هى النسخ الأصلية من حفلاتها الأهم.. ومقاه هى مراكز أخرى كان روادها حرافيش الفكر والأدب والثقافة وعشاقهم.. تجمعات غزيرة فى حلقات عديدة من مختلف الفنون والآداب.. وهاكم هذا النزر اليسير منها:
حلقات عميد الأدب العربى د. طه حسين التى كان يذيعها دورياً فى أيام ثابتة ومواعيد محددة بالإذاعة المصرية، كان يتحدث وكأنه يعزف سيمفونية فى الأدب والبلاغة والفكر.. جرس موسيقى.. مع رصانة الإلقاء.. روعة فى المعانى المتقابلة بكل سطر.. كان تقابل المعانى فى مقاطع السطور وتواليها يشكل ثراء فى الفكر بمعالجة فلسفية رائعة هى السهل الراقى الممتع الممتنع.. وكان صاحب مدرسة غير مسبوقة فى الأسلوب البلاغى لا يطاوله ولا ينازعه فيه أحد وحتى الآن!.. وعلى جانب آخر من قمة السهل الممتنع كان نقيب الصحافة والصحفيون الكاتب السياسى الرائع فكرى باشا أباظة.. وكان له أيضاً عشاق ومريدون يتابعون ما يكتب بجريدة المصور ويستمعون إليه فى الإذاعة.. امتلأت أحاديثه الباسمة بالفكر والنقد اللاذع والسياسة الرفيعة.. وعلى نفس المستوى وفى مجال آخر.. حديث أ. د أحمد شوقى إبراهيم عن تفسير القرآن الكريم والإعجاز العلمى به، وهو أستاذ القلب بكليات الطب، عضو المجمع اللغوى البارز.. كذلك أحاديث أول من ترجم معانى القرآن الكريم إلى اللغة الفرنسية، فضيلة الإمام الشيخ أ.د. محمد عبدالله دراز.. وأيضاً على نفس المستوى والعظمة أحاديث فضيلة الإمام الأكبر الأسبق والسابق فضيلة الشيخ أ.د عبد الحليم محمود، والشيخ أ.د سيد طنطاوى.. وأحاديث كبار الفقهاء فى مختلف التخصصات.. الشيخ أحمد الراوى.. الشيخ أحمد المسير، أستاذ العقيدة والفلسفة الإسلامية.. أحاديث الشيخ الباقورى.. حلقات العلم والإيمان للراحل الدكتور مصطفى محمود.. أحاديث نسيج العلم والفلسفة فى قوالب دينية جدتها متجددة!
ثم ننتقل لمحطة أخرى عما قدمته الكاتبة الصحفية الكبيرة أمينة السعيد وشقيقتها كريمة السعيد فى مجال التعليم والدكتورة نعمات فؤاد.. كذلك أحاديث أ.د. سهير القلماوى والدكتورة بنت الشاطئ عائشة عبد الرحمن!.. أيضا أحاديث صاحب العبقريات الأديب الفذ عباس محمود العقاد، شخصية العقاد العملاق تلمسها فى طريقة إلقائه الواثقة.. هل أتاكم أحاديث الملك فاروق فى المناسبات الوطنية.. خطب العرش.. البرلمان المصرى.. لقد فرض عليها منذ الأربعاء الأسود فى صبيحة 23/7/52 ستائر التجاهل والإهمال، وخاصة أن الأشاوس الأمجاد أذاعوا عنه وأسرته بأنهم لا يعرفون العربية!.. وعلى الجانب الآخر الحوارات المسجلة لرموز الفكر وقادة الرأى العام ومنهم أنيس منصور.. كامل زهيرى.. موسى صبرى.. كامل الشناوى.. محمود السعدنى الكاتب الساخر!.. أحاديث مفيد فوزى فى لقاءاته المتعددة، منها ما كان مع الرئيس الأسبق حسنى مبارك.. والموسيقار محمد عبدالوهاب من خلال بروفاته.. أحاديث الإعلامية البارزة ليلى رستم، ومنها تسجيل إدارته مع محمد عبد الوهاب وجمعية محبى فنه بمدينة دسوق!.. أيضاً الأديبة د. لميس جابر فى أحاديثها عن الأسرة العلوية؟.. المذيعة العبقرية آمال فهمى وحديثها، مع لقائها مع المطرب الشاب الذى فتح له باب الشهرة على مصراعيه فى برنامج على الناصية الذى كانت تقدمه!!.. نعم.. العصر الليبرالى، عصر الزمن الجميل أنجب عمالقة أمثال: د. طه حسين – العقاد – فكرى أباظة - د.محمد حسين هيكل – د. عبد الرزاق السنهورى - جلال الدين الحمامصى - مصطفى أمين – على أمين – كامل الشناوى – إحسان عبد القدوس – محمد زكى عبدالقادر - د. درية شفيق بنت النيل – قاسم أمين - سيزا نبراوى – ويصا واصف - محمد عبد الوهاب – أم كلثوم – يوسف وهبى – نجيب الريحانى – على الكسار – أحمد شوقى بك - حافظ إبراهيم – محمد عبد اللطيف دراز وكيل الجامع الأزهر، الذى تبوأ منصب محافظ القاهرة وأ. د عبد الله دراز والسابق ذكرهم من ثمرات أزهر الألف عام!!.. ينبغى أن ندفع بهذه الكنوز فى صورة سيديهات وأشرطة وكتب ومطبوعات إلى جميع مكتبات الجامعات ودور الثقافة وقصورها، مع وضع خطة لتجديد وتحديد إعادة بثها فى أوقات ثابتة على القنوات الفضائية.