رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

شاهدت بمتعة شديدة عرض مسرحية (الزومبى والخطايا العشر) إخراج طارق الدويرى، ومن إنتاج مركز المهاجر للفنون. وقد حصل هذا العرض على ثلاث جوائز من المهرجان القومى للمسرح المصرى فى دورته الأخيرة.

وعلى الرغم من متعتى المبالغة أثناء مشاهدة الزومبى، إلا أننى آثرت ألا أحلل العرض بل أفحص ظاهرة المخرج المصرى المبدع المهمش. فإننى أتابع عن كثب رحلة الدويرى المسرحية، مخرجاً وممثلاً ومعداً دراميا. قدم العديد من العروض المسرحية الجادة والمهمة، أذكر منها على سبيل المثال لا الحصر، مسرحية ليلة مصرع جيفارا، زمن الطاعون (عن نص حياة جاليليو جاليلى)، الموقف الثالث، المحاكمة، وحديثاً الزومبى والخطايا العشر.

قدم فيها منهجاً مسرحياً يعتمد على اللغة البصرية لسينوغرافيا (التشكيل فى فراغ) العرض المسرحى، معتمداً على تفكيك اللحظة فكرياً ودلالياً، ثم إعادة تركيبها بما يحلل الواقع ويدينه. ومما لا شك فيه أن منهج الدويرى فى الإخراج لم يبدأ هكذا، ولكنه أخذ ينمو ويتعمق خلال رحلة إبداع تجاوزت ربع قرن من الزمان.

وفى خلال هذه الرحلة الطويلة، الذى حصد فيها العديد من الجوائز ومثل مصر فى بعض المهرجانات الدولية، ظل هناك سؤال يباغت عقلى بلا توقف، لماذا يظل المخرج المبدع طارق الدويرى مهمّشا مجهّلاً؟!

وفى حقيقة الأمر أنا لا أتحدث عن شخص مخرج بعينه، ولكنه مثال للعديد من الفنانين الحقيقيين. الذين إن جاد الزمان بأحدهم، فى أية دولة ذات رؤى وتطلعات حقيقية، لتم التقاطه والوقوف خلفه بكل الإمكانات اللازمة لتقديم عروض مسرحية - من وجهة نظرى - لا تقل بأى حال من الأحوال عن أى عرض عالمى، بل تتفاضل عنه.

وهناك قناعة وقرت فى ضميرى العلمى - وتزداد كلما رأيت عرضاً للدويرى - أنه بشىء من الدعم المادى والفنى والمعنوى والمجتمعى إذا لزم الأمر، يمكن أن يصنع من الدويرى نموذجاً مصرياً يضاهى النماذج العالمية فى الإخراج المسرحى، أمثال، بيتر بروك وجروتوفسكى ومايرهولد. ولعل أحمد زويل ومجدى يعقوب ونجيب محفوظ وفاروق الباز والبرادعى، لو بقوا داخل مصر، لتحول كل منهم إلى موظف بدرجة مبدع، أو سابح منتحر عكس التيار.

وإن كنا فى زمن لم تعد فيه بوصلة ترشدنا إلى المسار الصحيح، فوجب علينا نحن الذين ليس لنا فى الأمر منفعة شخصية، ولا نروم إلى مكاسب خاصة، أن نجاهر بقناعتنا بمن يمتلكون موهبة حقيقية، وفنا ذا رؤية صادقة، مبنية على دراسة علمية متخصصة، ونتاج بحث مضن استمر عشرات السنين.

ولن ننتظر شهادة لهم من دولة أوروبية أو أمريكية، بعد أن يهاجروا إليها ويهجروا مصر. كفانا "صغر نفس"، وإحساساً بالضآلة. ذلك الطريق الذى لججنا فيه ليل نهار. ودعونا نتذكر معاً أننا بلد السبعة آلاف سنة حضارة، بلد النيل والأهرامات، بلد الأزهر الشريف والكاتدرائية المرقسية، بلد سيد درويش وأم كلثوم وعبدالحليم، بلد فاتن حمامة وعمر الشريف ويوسف شاهين. نحن بلد لا تنقصه الكفاءات، بل تفيض فيها وتغمرها. ولكن لا أحد يهتم.