رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

منذ عدة أسابيع لفت نظرى تحليل قدمته «وول ستريت جورنال» يعطيك صورة وردية للعلاقة بين الهند وأمريكا؛ مستعرضاً فيه قرار ناريندرا مودى، رئيس وزراء الهند، بخصوص عدم المشاركة فى قمة حركة عدم الانحياز، التى ستعقد فى فنزويلا، ليصبح ثانى زعيم هندى يتنكر لحركة أسسها أول رئيس وزراء فى الهند جواهر لال نهرو، مما يدل على حجم التغيير الجارى فى الفكر الاقتصادى والسياسى الهندى؛ ولكن لا يعنى هذا وجود تغير جذرى فى اتجاهات الهند. فما زال الكثيرون من مفكرى الهند يكنون نفس العداء الارتدادى للولايات المتحدة منذ نهرو. 
وأنا عامة أميل لوجهة نظر «جين تساى رونج»، أستاذ العلاقات الدولية فى جامعة الشعب الصينية: «إن الهند تحافظ على زخم جيد منذ تولى مودى السلطة، وتسحب جميع الأطراف الحبل على الجانب الإيجابى، وأمريكا ليست سوى أحد هذه الأطراف لا غير. ويتطلع أوباما إلى ترك إرث دبلوماسى إيجابى». والأرجح أن الولايات المتحدة أولت أهمية كبيرة للهند كسوق لإمدادها بالمواهب التكنولوجية، بينما راهنت الهند على قيام واشنطن بتوسيع نطاق الاستثمار فى البنية التحتية والتكنولوجيا الزراعية، وتوسيع صادراتها للولايات المتحدة. فوصل حجم التبادل التجارى بين البلدين إلى ما يقرب من 60 مليار دولار، ويتوقع ارتفاعه إلى نحو 150 مليار دولار خلال السنوات الست المقبلة. 
وعامة أول غيث التغيرات الكبرى فى السياسات قطرة. والواقع أن واشنطن تبدو أكثر حرصًا على استقرار علاقاتها مع الهند فى الوقت الراهن، وربما أكثر من أى وقت مضى فى ظل ‏تصاعد‏ ‏الصراع‏ ‏على‏ ‏مستقبل‏ ‏منطقة‏ ‏جنوب آسيا‏ ‏وعلاقاتها‏ ‏بالعالم‏. ‏وفى‏ ‏القلب‏ ‏من‏ ‏هذا‏ ‏الصراع‏ ‏تأتى‏ ‏العلاقة‏ ‏بين‏ محور‏ ‏الصين وكوريا الشمالية فى مواجهة التحالف الذى يضم الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، والساعى لإيجاد توازن مع النفوذ الصينى فى آسيا. 
على الجانب الآخر نجد أن نيودلهى تدرك أهمية الشراكة مع الولايات المتحدة التى منحت الهند أسرارًا غير مسبوقة فى مجال التكنولوجيا النووية، وأصبحت واشنطن مزودًا مهمًا للأسلحة المتطورة إلى نيودلهى. كل هذا يدعو الهند إلى التغير وإعادة التفكير؛ فعلى الرغم من مرور ربع قرن منذ خروج الهند من عصر الاقتصاد الاشتراكى فيها والسياسة الخارجية الموالية للاتحاد السوفيتى إلا أن هذه القوة الصاعدة لا تزال تفكر مليًا فى دورها فى العالم، وخاصة فيما يخص الولايات المتحدة، والصين. 
ووسط كل هذا علينا أن نعى أن مودى ورث تركة ثقيلة من مشاكل العلاقات بين حزب المؤتمر وأمريكا خلال مدة حكم حزب المؤتمر البالغة عشر سنوات، فقبل ذلك خلال سنوات حكم حزب بهاراتيا جاناتا انتعشت العلاقات بين نيودلهى وواشنطن بشكل لم يسبق له مثيل، ولكن كل ذلك تغير عندما تولى حزب المؤتمر؛ وأصدر البرلمان الهندى قانون «المسئولية النووية»، الذى وضع قيودًا مفرطة على الموردين لمحطات الطاقة النووية؛ وذلك لردع الولايات المتحدة وشركاتها من دخول السوق الهندية، وأدى تنفيذ القانون إلى جعل إبرام الاتفاق النووى المدنى مع أمريكا فى 2005 مستحيلاً. ولكن يبدو فى النهاية أن ما يجمع نيودلهى وواشنطن أكثر مما يفرقهما، فليس من مصلحة الدولتين تعقيد العلاقات بينهما؛ كلاهما لديه مخاوف وطموحات مشتركة تجعل من أمريكا التى كانت ترى نارندرا مودى، شخصية منبوذة؛ ووضعته على قائمتها السوداء، ومنعته من الحصول على تأشيرة دخولها فى 2005، حليفاً  استراتيجياً لها وشريكاً فعلياً فى تهيئة الجو العام لعلاقة جيدة بين القوتين.