رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ندى

لم يكف عن حلمه بمستقبل الثقافة أو انحيازه إلى المعذبين في الأرض وحين تولى مسئولية المعارف في الوزارة الوفدية سنة 1950 وجد الفرصة سانحة لتطبيق شعاره الرائع «التعليم كالماء والهواء» وظل يثير عواصف التجديد حوله في مؤلفاته المتتابعة ومقالاته المتلاحقة وإبداعاته المتدافعة طوال مسيرته التنويرية التي لم تفقد توهج جذوتها العقلانية قط سواء بعد أن  أصبح عميدًا لكلية الآداب سنة 1930 أوحين رفض الموافقة على منح الدكتوراه الفخرية لكبار السياسيين سنة 1932 وعندما واجه هجوم أنصار الحكم الاستبدادي في البرلمان الأمر الذي أدى إلى طرده من الجامعة التي لم يعد إليها إلا بعد سقوط حكومة إسماعيل صدقي باشا.

وكانت العاصفة الكبرى التى أثيرت حول كتابه «فى الشعر الجاهلى» عام 1927  والتى أقام الدنيا ولم تقعدها إلا بعد صدور قرار حفظ القضية إداريا وتبرئته من التهم المنسوبة اليه وهى كثيرة.

وهذه القضية سجل فيها محمد نور - رئيس نيابة مصر آنذاك - موقفا مشرفا فى تاريخ القضاء المصري وكان النائب العمومي قد تلقى عدة بلاغات تفيد كلها بأن طه حسين قد تعدى بكتابه على الدين الإسلامي وأجملها (نور) فى أربعة: الأول أنه أهان الدين الإسلامي بتكذيب القرآن في إخباره عن إبراهيم واسماعيل، والثاني أنه طعن على النبي صلى الله عليه وسلم من حيث نسبه، والثالث ما تعرض له المؤلف في شأن القراءات السبع المجمع عليها، والرابع أنه أنكر أن للإسلام أولوية في بلاد العرب وأنه دين إبراهيم.

وقد حقق (نور) طويلاً مع طه حسين، وجادله، ثم قرر حفظ القضية ليس لأنه متفق مع ما جاء في الكتاب، بل رغم اختلافه مع ما جاء في الكتاب ومع طه حسين نفسه اصدر حكمه السابق استنادا إلى العقل المستنير، وقال بالنص: لمعاقبة المؤلف يجب أن يقوم الدليل على توفر القصد الجنائي لديه، فإذا لم يثبت هذا الركن فلا عقاب وإن للمؤلف فضلاً لا ينكر في سلوكه طريقاً جديداً للبحث حذا فيه حذو العلماء الغربيين والعبارات الماسة بالدين التي أوردها في بعض المواضع من كتابه إنما قد أوردها في سبيل البحث العلمي مع اعتقاده أن بحثه يقتضيها.

إن قرار (نور) الذي سجله منذ 89 عاماً يمثل وثيقة قضائية دامغة تؤكد الدفاع عن الإبداع, واحترام الرأى المخالف وعدم تجريمه، والطريقة الصحيحة للتعامل مع الفكر الإنسانى, حفاظاً على حرية العقل البشرى وحقه فى البحث والتجديد.

 

[email protected]