رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

صحيح أننا نمر بظروف مادية صعبة، وجاء غلاء المعيشة، وارتفاع الأسعار الهمجى، والضرائب المضافة وغير المضافة، كان ذلك كله الشعرة التى قصمت ضهر البعير، ولكن لا تزال مواقف البطولة المصرية بين أبناء هذا الشعب الصامد.. لا تزال تتلألأ فى سماء مصرنا الغالية التى لن تخضع أبداً؛ لأن أبناءها هم من يقفون وراءها والله حاميها.

فهذه قصة تضحية ووفاء يسطرها كاتبو التاريخ بحروف من نور، فبعد أن غلفت الظروف الاقتصادية حياتنا بهذا الغمام، وأضاعت البسمة من الشفاه، وأعادت إلينا زمن اللمبة الجاز، والله كانت أيامها حلوة، ورغم الضيق الذى أصبح على كل لسان، فإن هذا الصبى الصغير، لم يقعد يحسبها، أو ينتظر مثلاً حل أزمة الدولار التى لن تحل بالطبع، ما دام الفاسدون لا يزالون يسرقون العملة الصعبة التى يتم تهريبها.

ولن أخوض فى تفاصيل أكثر، فهذه ليست قضيتنا اليوم، ولكن ما قصة هذا الصبى الذى لم يتخط عمره الثلاثة عشر عاماً، وهو من أهالى محافظة البحيرة، واسمه «أحمد» حينما اكتشف أن شقيقه وعمره ست سنوات يعانى مرضاً خطيراً بالدم، وبعد عرضه على بعض الأطباء المتخصصين، وعلم أن علاج شقيقه يتخطى الخمسين ألف جنيه طرق أبواباً كثيرة، كانت مغلقة جميعاً فى الوقت الذى تتعالى فيه آنات الألم تمتزج بصرخات الجوع وقلة الدخل واشتعال الدنيا من حوله، فليس هو الوحيد، فأبناء قريته من حوله يستغيثون ويشتكون فى الإذاعة والتليفزيون لكن لا شكوى غير لرب الكون.

لم يستسلم الصبى الصغير، ذو العقل الراجح، لأحلام ووعود يعلم أن من أطلقوها كاذبون كعادتهم، فما أكثر السماع لألسنة اعتادت الكذب، أخذ الصبى قراره فى لحظات وقبل شقيقه المريض وطمأنه أن شفاءه قريب إن شاء الله، وودع الصبى أهله وبلده، فالحل ليس هنا، ويحتاج لعزم الرجال، ودون أن يقصد فرت دمعه من عينيه حزناً على كل ما يدور حوله، فأحزانه لم تكن لشقيقه المريض ولا لفراق أبويه، وهو لا يزال صغيراً، إنما لأنه لم يجد من يربت على كتفه فى هذا الوطن الذى تآمر عليه الخونة من الخارج والفسدة من الداخل، أصحاب الذمم الخربة.

انطلق الصبى الصغير فى رحله خارج البلاد كان قد أعد لها عن طريق قارب رحلة غير شرعية، ولا يلومنى أحد إن كنت أمجد فى قصة هذا الصبى الذى خالف القوانين، بعد أن غدرت به كل القوانين، فأين قانون الرحمة عند أطباء فقدوا الرحمة والإنسانية؟ وأين قانون الأمن الاقتصادى حتى يجد قوت يومه وأهله؟، لن أسردها كافة فهى لم تنصفه أبداً، فكان قراره صائباً، وكان مقصده ناجحاً بعد أن ملأت حكاية بطولته الصحف والميديا الإيطالية، حيث اهتزت مشاعر أحد الأطباء الإيطاليين، وسرت الدماء فى عروقه، لم يفعلها طبيب مصرى، فجاء الحب والأمل هناك فى بلد البيتزا والإسباجيتى، لتقدم لنا إسباجيتى بالإنسانية. 

[email protected]