رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

قبل أن تغضب عزيزى القارئ أو تستنكر تلك المقارنة بين (العليين) الكسار وربيع، فتذكر أن كليهما حقق شهرة شديدة، أهلتهما أن يصبحا - كل فى زمنه - نجمين من نجوم الكوميديا المصرية؛ مسرحياً وسينمائياً، كما أن كليهما يتبع مدرسة واحدة فى التمثيل؛ وهى مدرسة (كوميديا النمط)، التى تقوم على تقديم نموذج لشخص ذى أبعاد اجتماعية ونفسية وشكلية لا تتغير.

وأعتقد أن تلك المقابلة بين هذين النجمين، تكشف لنا جلياً مقدار التغيرات الفنية والثقافية التى مرت على مصر خلال ما يقرب من قرن من الزمان؛ والتى تبدأ من على الكسار الذى بدأ حياته الفنية فى 1908 بالعمل فى فرقة دار التمثيل الزينبى، وصولاً إلى على ربيع الذى بدأ حياته الفنية فى 2013 فى فرقة تياترو مصر.

إلا أنه بمجرد إلقاء نظرة فاحصة على أداء الكسار، بعين تبتعد عن الحنين إلى الماضى وبريقه، وكذلك بالمتابعة الفاحصة التحليلية إلى ما يقدمه ربيع، يمكن القطع بأن كليهما يتمتع بقدرات فنية جيدة جداً، كما يمتلكان جاذبية جماهيرية وحضورا ملفتا، جعل منهما نجمين بكل ما تحمله الكلمة من معانٍ جماهيرية وتسويقية.

ولعل الاختلاف الجلى يكمن فى الثقافة المجتمعية السائدة، وأيضاً الأيديولوجية الشخصية لكل منهما، فالكوميديا بطبيعتها هى انعكاس ساخر لما يدور فى الحياة، ولا سيما أن كليهما خرج من بيئة شعبية، الأول ينتمى لشعبيات النصف الثانى من القرن التاسع عشر، والثانى لنهايات القرن العشرين، إلا أننا يجوز لنا القول بملء الفم، إن الكسار يعد شعبياً مصرياً لا غش فيه؛ فهو ابن حى السيدة زينب فى فترة من الزمن كانت مفعمة بأمهات العادات والتقاليد المصرية الأصيلة، مقارنة بوقتنا هذا الذى تلقب فيه بعض الأحياء السكنية - مجازاً - بالشعبية، وهى فى حقيقة الأمر مجرد أحياء عشوائية الثقافة والهوى.

وعلى الرغم من أن الكسار لم يكن فقير المال، بل يروى عنه أنه كان مليونيراً ولكنه حرص على إخفاء ثرائه عمن حوله من الفنانين؛ حتى لا يعيقه هذا عن تأدية مهمته المكلف بها من قبل ضميره المهنى، وكذلك مسئوليته الشخصية تجاه مجتمعه، فى الوقت الذى يتفاخر فيه بعض النجوم الحاليين بغناهم الفاحش.

فقد رأينا فيما قدمه الكسار انعكاساً حياً لتوجهه الشعبى، فى عصر كانت تهيمن على مصر ثقافة الطبقية، فكان المجتمع مقسما إلى فئات اجتماعية؛ باشوات وبهوات وأفندية، موظفين وحرفيين وفلاحين، وكان اختيار الكسار أن يمثل الفئة الأكثر تهميشاً من كل هؤلاء، وهم البربريون (سكان النوبة المصريون).

فليس على ربيع بفنان يقل بأى حال من الأحوال عن على الكسار، ولكن الكسار جاء فى موسم كانت فيه مصر تنعم بمناخ ربيعى جميل، وكل ما قام به الكسار هو أنه اتسق مع معطيات عصره، بينما على ربيع لم يصادفه الربيع؛ فقد جاء فى موسم جفاف أخلاقى وإنسانى، ولم يختر أن يجابه هذا الجفاف، بل رضى به وتصالح معه، واختار بكامل إرادته مع سبق الإصرار أن يكون نجماً بمقاييس هذا الزمان.