رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

سقط المسرح المصرى منذ سنوات طويلة - شارفت على الأربعة عقود - فى هوة سحيقة من المشاكل والأزمات، التى تفاقمت مع الأيام، دون أدنى اهتمام حكومى بإيجاد حلول لها، الأمر الذى أصبح معه الآن؛ مجرد تصورنا أنها ستفكر فى وضع سياسة لخروج المسرح من هذه الهوة درباً من دروب الخيال.

وإذا رغبنا فى شىء من التحليل لتلك المشاكل التى تواجهه، فيمكن تلخيصها ببساطة دون إخلال بمحتواها فى ثلاثة محاور رئيسة؛ الأول يكمن فى دولة لا تعبر للفنون بشكل عام أى قيمة إنسانية، فالمسرح فى رؤيتهم العقيمة ليس سوى ملهى ليلى، يفرض عليه من ضرائب ما يفرض عليه الديسكوهات والكباريهات، ومن ثم فلم يكن هناك توجه يوماً ما للدعم الحكومى الحقيقى للمسرح، كمرأة لتقدم ورقى الشعوب وتطورها.

والمحور الثانى يمكن وصفه بالإبداع المزيف أو الادعاء الفنى، المقدم على أيدى مجموعة من الذين لقبوا أنفسهم بالمسرحيين - زوراً وبهتاناً - وهم ليسوا إلا مجموعة من الموظفين الحكوميين، الذين لا يختلفون كثيراً عن أى موظف فى أرشيف أى مصلحة حكومية.

والمحور الثالث؛ هو الجمهور الاستهلاكى الذى تم تربيته خلال أحلك سنوات مصر مرارة وعجافة، على تعاطى كل ما هو سطحى رخيص، والتفكير بغرائزه وشهواته دونما إعارة العقل والوجدان أدنى اهتمام، ومن ثم أصبح العزوف عن المسرح المصرى شيئاً متسقاً مع واقعه، ولكن ما ورد ذكره، يعد سقوط المسرح المصرى جريمة مكتملة الأركان اشترك فيها الحكومات المتعاقبة والمسرحيون المدعون والجمهور المغيب.

وعلى الرغم من هذا الوضوح البين فى الرؤية المحيطة بمشكلات المسرح المصرى، والتى لا يختلف عليها أى إنسان متخصص مهما كانت توجهاته، إلا أننا نقف أمامها شعباً وحكومة دون أن ينشغل لنا بال أو يهتز لنا ساكن، وإذا كانت كثير من المشاكل والأزمات المصرية تدار بطريقة (نظرية المؤامرة) أو بالأرجح لا تدار طبقاً لحجة نظرية المؤامرة الخارجية على مصر، وكأن بلدان العالم قد اجتمعوا فى ليلة شتاء عاصفة بإحدى حانات العالم الشريرة، وتعاهدوا بقسم غير حانث على تدمير الصناعة المصرية، والتجارة الوطنية، والسياحة التاريخية والدينية والشاطئية، وألا يغمض لهم جفن حتى يضربون الجنيه المصرى ضربة رجل واحد، فيغتالون شبابه غير المأسوف عليه.

ولعل نظرية المؤامرة - الكاذبة - قد يصدقها البعض فى مجالات السياسة والاقتصاد وحتى فى التعليم. ومن ثم بشىء من السذاجة يلتمسون الأعذار البلهاء لكل ما نحن فيه من فشل، ولكن بالنسبة للمسرح (أبوالفنون) فما هو العذر المقبول الذى يمكن أن تقدمه الدولة عن إهمالها الحياة المسرحية المصرية، إلا عدم إيمانها بأهميته وبجدواه للمجتمع، الأمر الذى يدعى معه بعض السوداويين أن هناك قصدية مترصدة بالمسرح بهدف تجريفه وتجفيف منابعه، وحتى هذا الاحتمال الخرافى مع سنوات الفشل المتعاقبة للمسرح أصبح احتمالاً وارداً يقبل المناقشة، ولا أستبعد أنا شخصياً خلال الفترة المقبلة، أن نسمع عبر التصريحات الرسمية أن هناك مؤامرة دولية على المسرح المصرى، تلك المؤامرة العبثية التى لا تمت إلى الواقع بأدنى صلة، والتى تخفى خلفها جهل وفشل سياسات ثقافية استمرت طويلا.