رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

أين محمد نجيب وسط رؤساء الجمهورية الذين تولوا حكم مصر فى السنين الماضية. إن شهر يوليو دائمًا يمر كل عام باحتفالاته وذكرياته دون أن يوليه ما يستحق من تكريم وتبجيل، أو حتى من ذكره إطلاقاً فى بعض المناسبات. إنه الآن إلى جوار ربه يشكونا من تجاهلنا إياه، ومن تركه وحيدًا أثناء حياته فى قصر مهجور بالمرج، قصر استولت عليه السلطات من مالكته زينب الوكيل، زوجة النحاس، خليفة سعد زغلول. قصر اختير لإقامته، لا تشريفاً له، ولكن لكونه بعيداً عن العمار حتى لا يكون الاتصال سهلاً بين من يقطنه، وبين من يحيط به من أقوام. هذا القصر قضى فيه عمره معتقلاً من 1954 إلى 1971، ومحدداً للإقامة فيه بقية عمره، الذى انتهى فى سنة 1984. أى ثلاثين عاماً.. أطول مدة قضاها إنسان فى معتقل أو تحديد إقامة، لم يذق فيها طعم الحرية، ومقاسياً منها ما قاساه، حتى إنه كان يُشاهد وهو يغتسل ملابسه بيده.. فى فترة فقد أثناءها اثنين من أبنائه، وعاجزاً عن قيامه بالواجب نحوهما: أحدهما قُتل، لأنه كان يناهض اليهود فى ألمانيا، ويدعو لمصر والمصريين، مما جعل البعض يخشى أن يصبح بطلاً كأبيه، والآخر قتل لتصديه لأحد المخبرين الذى نعت أباه بخيال مآته.

ولد محمد نجيب من أب مصرى وأم سودانية المنشأ، وكان يحلم دائمًا بتحرير مصر من الإنجليز وتحقيق وحدة وادى النيل، مؤمناً بمحنة فلسطين سنة 48، ومتقدماً صفوف الجيش الذاهب إليها غير هياب للأخطار التى تعرض لها حتى إنه جُرح سبع مرات، إحداها كانت خطيرة وكادت تودى بحياته، واعترافاً بذلك انتخبه ضباط الجيش قبل الثورة رئيساً لناديهم، وكان هذا الانتخاب مما لا ترضى عنه السلطات الملكية لأنه كان إشعاراً لانتصار الضباط الأحرار وغيرهم من الوطنيين مما جعل هذه السلطات تغلق النادى على من فيه وبما فيه.

وحين قامت الثورة فى يوليو 52 كان نجيب على رأسها حاملاً روحه على كفه، ومعه مجموعة من القواد وشباب الضباط، وأطاحوا بالملكية التى اُتهمت بنشر الفساد، وبالملك الذى طالته الانحرافات، ومع إعلان الجمهورية وجلوس نجيب على كرسى الرئاسة، اعتقد الجميع أن هذا هو أفضل الحلول، مع أنه هو نفسه لم ير فى الجمهورية إلا طريقاً طويلاً يجب السير فيه حتى تحصل البلاد على ما تريد من إصلاح، فخلالها لا يدمن تداول السلطات، وأثناءها لا بد من انتعاش الأحزاب. وعلى أكتافها لا مناص من أن تقوم البرلمانات، وأن يتربع الشعب على عرش الحكم. أما غير ذلك فلن تجنى الجمهوريات المأمول منها، وأكبر دليل على ذلك ما حدث فى ليبيا على يد القذافى، وما قام فى العراق على يد صدام. ولهذا كان نجيب يرى أن يرجع الجيش إلى ثكناته بعد نجاح الثورة، خاصة بعد ما رأى من تغلغل العسكريين فى كافة المناصب الرئيسية، وما شاهده من قيام الشللية بينهم ونموها يوماً بعد يوم. ولكن رأيه هذا لم يوجد له صدى، وانتهى به الأمر إلى أن يعزل من منصبه، ويصيبه ما أصابه من قوقعة فى قصر المرج، بل وما تلاه من حذف اسمه من كتب التاريخ، وطمس ذكراه طمساً غير طبيعى، أول رئيس للجمهورية يزج باسمه فى غياهب النسيان، بدلاً من التهليل لذكراه والعرفان بدوره فى أحداث يوليو سنة 52، وما تلا ذلك، إن التاريخ يجب أن يضم اسم محمد نجيب كأول رئيس لجمهورية مصر وليكتب ذلك فى الكتب، المدرسية منها وغير المدرسية. ليس هذا وحسب، بل علينا أن ننشر الكتب التى كتبها بخط يده وهو فى قصره المهجور حتى تسترشد الأجيال المتعاقبة بما كتبه فى هذه الكتب، خاصة ذلك الكتاب الذى دونه وطرح إلى الدنيا فى سنة 84 والذى ذيّله بعنوان متواضع ينم عما فيه من معارف وعِبر ويقول فيه: «كنت رئيساً لمصر».

 

الأستاذ بطب بنها