رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

يجب ألا ينخدع أحد بإعلان التنظيم الجهادي "جبهة النصرة فك ارتباطه بالقاعدة وإنشاء حركة جديدة في سوريا باسم "جبهة فتح الشام". وخاصة أن الخطوة غير المسبوقة أيدتها بشكل رسمي القيادة العليا للقاعدة ؛ فجبهة النصرة ستبقى على الدرجة نفسها من الخطورة والتطرف. ومن خلال فك ارتباطها بالقاعدة فإن هذه المنظمة باتت أكثر وضوحاً في التعبير عن مقاربتها لسوريا والتي تسعى من خلالها للأندماج بالدينامية الثورية وتشجيع الوحدة بين الجماعات الاسلامية في مواجهة أعدائها القريبين والبعيدين.

و هذا الأمر لا يعني خسارة للقاعدة؛، لكنه مجرد أحداث انعكاس للطريقة الجديدة التي يحتمل أن تكون أكثر فاعلية بكثير والتي تقوم على العمل الجماعي والتدريجي والمرن بهدف تحقيق مكاسب تكتيكية متكررة تتحول يوماً ما إلى نصر استراتيجي من خلال إقامة الامارة الاسلامية بقبول ودعم شعبي كاف. ببساطة فإن القاعدة تنسق عملية فك ارتباط فرعها السوري عن قيادتها لصالح الحفاظ على جبهة النصرة وأهدافها الجهادية الاستراتيجية. فالعلاقات الايديولوجية بين القاعدة وجبهة فتح الشام لا تزال متينة.

هذا التطور الأخير يأتي في لحظة شديدة الحساسية حيث تبدو الولايات المتحدة وروسيا مصممتين على شن عمليات عسكرية ضد جبهة النصرة في سوريا. وعلى الرغم من المحاولات المتكررة العلنية منها والسرية لتشجيع الجماعات المعارضة على الانسحاب من المناطق التي تتواجد فيها النصرة في سوريا فإن غالبية الجماعات المتمردة لم تغير مناطق انتشارها.

بالنسبة للكثير من السوريين فإنه ينظر إلى الانسحاب من الجبهات الأمامية على أنه بمثابة خيانة لخمس سنوات من الدم المبذول من أجل ضمان مكاسب عسكرية. بالنسبة للبعض فإن الأمر قد يعني أيضاً خيانة مجموعة مسلحة هي جبهة النصرة التي خاضت القتال إلى جانبهم باستمرار وبشكل فعال منذ 2012.

ومن خلال قطع علاقاتها مع القاعدة تؤكد جبهة النصرة أنها ستبقى متجذرة في الجبهات الأمامية للمعارضة خصوصاً في محافظتي حلب وإدلب. وبالتالي فإن أي غارات من قبل الدول الأجنبية تستهدف التنظيم ستسفر بشكل مؤكد عن سقوط قتلى في صفوف الجماعات المعارضة الأخرى وسينظر إليها على أنها معادية للثورة.

ويرى السوريون المعارضون من مسلحين ومدنيين أنه بإبعاد جبهة النصرة عن القاعدة فإن مهمة إبعاد أبنائهم وإخوتهم عن التنظيم الجهادي أكثر سهولة حيث يأملون أن تفقد هيكليته الداخلية بعضاً من مرونتها بحيث يصبح الانضمام إلى الجماعات المعارضة الأخرى احتمالاً أكثر جاذبية .

وعلى الرغم من كون الكثير من السوريين لا يزالون قلقين من الاسس المتطرفة التي قامت عليها جبهة فتح الشام فإن حقيقة أن التنظيم قام بما يعتبره كثيرون بمثابة تنازل كبير تضعه في موقع متقدم. وسواء قيل ذلك بشكل علني أو لا فإن جزءاً كبيراً من المعارضة السورية ستنظر إلى الأمر على أنه خطوة إيجابية وخطوة تلاقي دعوة الجولاني للوحدة. وبالتالي فإن جبهة فتح الشام ستسعى الآن لتكثيف دعواتها القديمة للاندماج والتحالفات العسكرية في المناطق الرئيسية في البلاد. وإحدى النتائج المحتملة والأكثر أهمية لهذا التطور الأخير هي اندماج جبهة فتح الشام مع أحرار الشام. مع ذلك لا يزال هذا الأمر بعيداً نظراً للعقبات التنظيمية والهيكلية.ويرجح أن يشكل تحالف المتمردين الحالي في إدلب وحلب وتحديداً جيش الفتح الأساس لمثل هذه المبادرات لتوحيد الصفوف عسكرياً. وبذلك وضعت المجموعات الاكثر اعتدالاً في الجيش الحر أمام خيارين إما الوحدة العسكرية والثورية أو العزلة والخضوع.   والتطور الأخير من شأنه الدفع  بالدول الإقليمية تحديداً قطر وتركيا إلى محاولة تقديم الدعم المادي المباشر للمجموعة. وبالطبع  تركيا ستبرر ذلك بإن النصرة قطعت علاقاتها بالقاعدة وبالتالي يمكن لجبهة فتح الشام أن تكون شريكاً شرعياً في مواجهة داعش تماماً كما هي قوات سوريا الديمقراطية الكردية الحليف المفضل لدى واشنطن.