رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بدون نفاق

مصر هبة النيل – هكذا وصفها هيرودوت ببساطة منذ ثلاثة آلاف عام. كل مدن و قرى مصر – بدون أستثناء تقريبًا–تقع أما على النهر العظيم مباشرةّ أو على رافد من روافده. ومنذ أيام الفراعنة أدرك حكام مصر – الراشدون – أهمية النهر المقدس كالشريان الأهم للمواصلات والتجارة فى البلاد. فتم نقل أحجار الأهرامات والمعابد عن طريقه، وأنتقل المصريون ومحاصيلهم الزراعية ومنتجاتهم المختلفة بين جنوب البلاد وشمالها على صفحته. وفى عهد ملوك أسرة محمد على بلغت أهمية نهر النيل وروافده كطريق رئيسى للنقل والتنقل مبلغًا كبيرًا جدًا وكانت كل الرياحات والترع الرئيسية ومعظم الترع الفرعية «ملاحية» وهو تعبير تراه على كل خرائط مصر حتى الستينيات من القرن العشرين. وأزدهرت صناعة المراكب الشراعية والصنادل الآلية وتطورت إنشاءات الكبارى المتحركة والأهوسة والأرصفة والموانئ النهرية، وأسس طلعت حرب باشا شركة مصر للنقل النهرى كما أسس أحمد عبود باشا الشركة النهرية المصرية. واستمر الاهتمام بشرايين النقل النهرى فى مصر حتى عهد عبدالناصر الذى أنشأ «أسطول ناصر» لخدمة صناعة الحديد والصلب فى حلوان وأسوان وفى نقل معدات انشاء السد العالى، كما بدأ مشروع «الأتوبيس النهرى» كنواة لمشروعات أكبر لنقل الركاب عبر النهر. الا أنه مع بداية الانفتاح الاقتصادى فى عهد السادات واشتعال جنون استيراد سيارات النقل بدأت عملية اهمال وتخريب متعمد للنقل النهرى. وفى سنوات قليلة جدًا تم استيراد مئات الآلاف من سيارات النقل والمقطورات والتريلات. والغريب المريب أنه تم السماح – وحتى الآن – يتم السماح باستيراد سيارات النقل المستعملة لضمان عدم تصنيعها محليًا. وتم القضاء على شركة النصر لصناعة السيارات التى كانت تنتج سيارات نقل مصرية بالتعاون مع شركة ماجيروس دويتز الألمانية. و أزدهرت تجارة سيارات النقل المستوردة وقطع غيارها واطاراتها وخلافه وأصبح لهذه التجارة أباطرة من أصحاب المليارات الآن. وواكب ذلك تخريب واتلاف الكبارى الملاحية والأهوسة بل توقفت أعمال التكريك والتطهير السنوية للترع الملاحية حتى يحدث لها أطماء وبالتالى تفقد صلاحيتها للملاحة نهائيًا. وانتصرت مافيا الفساد على الشعب المصرى وأصبحت البلاد تعانى من الزحام الجنونى على كل طرقها خصوصًا فى الريف البعيد عن عيون باشوات الطريق الصحراوى وطريق السخنة! وأصبح اقتصاد مصر مثقل بتكاليف استيراد سيارات النقل ومستلزماتها ودعم الوقود لها، ينما تم قتل البديل الأمن والاقتصادى على أيدى مافيا النقل والاستيراد الذى أوصلت الجنيه المصرى إلى قرابة 12 دولارا ونظرة بسيطة إلى ما حدث للنقل النهرى فى مصر بالمقارنة بالنقل على نهر الراين أو الدانوب أو الفولجا أو الميسيسبى أو أنهار الصين يجعلنا نبكى على ما أصاب نهرنا العظيم. لقد صفقنا جميعاّ للرئيس السيسى عندما هزم مافيا التخلف وانتصر فى معركة تطوير قناة السويس بسرعة وتميُز. فهل نراه يقتحم و ينتصر لمصر فى معركة النقل النهرى؟