تابعت خلال الشهر الكريم حلقات مسلسل الأسطورة، وما جذبنى إلى متابعته هو أن أحد المحاور الأساسية التى يقوم عليها هذا المسلسل تعرض للعلاقة بين القائمين على تنفيذ القانون، ومن يخرقون القانون وبمعنى أوضح بين الشرطة وبين المجرمين أو البلطجية، وأعتقد أن مؤلف ذلك العمل تعمد إبراز صورة سلبية للغاية لتلك العلاقة، وصور الأمر على أن هناك تحالفا بين الطرفين وأن هناك اتفاقات وصفقات تعقد بينهما، وأن هناك من يرعى تلك الاتفاقات والصفقات، وأن هؤلاء الرعاة يخططون لارتكاب جرائم قتل وغيرها من الجرائم للحفاظ على نفوذهم وحماية سلطانهم ومصالحهم، كما أعتقد أن المؤلف والمخرج تعمدا إضفاء كثير من الغموض حول هؤلاء الرعاة حرصا على تأكيد وجودهم بهذه الصورة الفجة، بل وصل الأمر بهما - المؤلف والمخرج - إلى تصوير ضابط المباحث فى صورة مسيئة جداً لجميع من يعمل فى مكافحة الجريمة والإجرام.
والدليل على ذلك تلك المشاهد التى تصور حفل زفاف شقيق بطل المسلسل والذى حضره ضابطا المباحث فى المنطقة وكانا يتصدران المائدة الرئيسية وشارك أحدهما فى الاحتفال بإطلاق أعيرة نارية من المسدس الخاص به، كما قام آخرون بإطلاق الأعيرة النارية أمام ضابطى المباحث، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل وصل إلى تردد أحد ضابطى المباحث على منزل أحد البلطجية وتناول الطعام وتورطه فى علاقة آثمة مع شقيقة هذا البلطجى، الأمر الذى نتج عنه أن قام الأخير بابتزازه وتهديده، وأعتقد أن المسلسل قد أساء للجميع بتعمده إبراز هذه الصورة السلبية بهذا القدر من الفجاجة، وذلك بقصد إيجاد شرخ فى العلاقة بين الشرطة والشعب وزعزعة الثقة بينهما، مما يدخل الأفكار التى تناولها ذلك المسلسل فى إطار الأفكار الهدامة، وبث مفاهيم مدمرة بين أبنائه، ولا أدرى كيف لم يقم المسئولون بالوزارة بالقيام بما يجب أن يقوموا به تجاه مثل هذه السموم، لأن الأمر هنا لا يتعلق بشخص بعينه كما لا يتعارض مع حرية التعبير والإبداع - التى يتحجج بها البعض - بل يتعلق بقيم ومبادئ وأخلاقيات يجب أن تسود فى مجتمعنا.
وأذكر الجميع أن دولة فى حجم أمريكا، اعترضت منذ سنوات على تصوير مسلسل للفنان محمد صبحى - فارس بلا جواد - احتجاجاً على مشهد كان يصور اجتماعاً لعدد من الحاخامات اليهود وطالبت بالإشراف على متابعة إنتاج ذلك المسلسل بزعم معادته للسامية، علماً بأن ذلك المشهد لم يستغرق عرضه على الشاشة أكثر من دقيقة.. فما بالك بمسلسل حرص طوال جميع الحلقات على عزف تلك النغمة النشاز ودس تلك الأفكار المسمومة حتى يتعود المشاهد على سماعها والاقتناع بها.
مساعد وزير الداخلية الأسبق