رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

أوراق مسافرة

عشرات متزاحمون، منهم من يتصبب عرقاً، وآخرون ينفخون الحر الساخن فى وجوه الآخرين حتى يكادوا يحرقونهم من الزهق والحر، وآخرون جلسوا القرفصاء بعد أن أعياهم التعب وقوفاً، الكل فى انتظار البيه الموظف ليفتح طاقة القدر، أقصد باب المكتب أو النافذة إياها ليتسلم أوراقهم أو يقضى مصالحهم، ساندويتشات الفول والطعمية المزيتة تفترش المكاتب، دوسيهات وملفات المواطنين قد انتحت جانباً أو ألقى بها أرضاً لإفساح المكان للساندويتشات، يتدافع الموظفون وكأنهم فى مجاعة أو حفل كيدى للجمهور الواقف قهراً يطالع المشهد، ويل لأى مواطن يتذمر أو ينبس ببنت شفه، سيكون عقابه إطالة مدة تناول الإفطار، والتلكؤ فى فتح شبابيك الخدمة، وتعطيل أوراقه بلا أى سبب منطقى، بعد الفول والطعمية، يأتى عامل البوفيه بأكواب الشاى والينسون والقهوة، الساعة تقترب من العاشرة أو الحادية عشرة، لا يهم متى يبدأ البيه أو الهانم العمل، المهم أن يملأ كل منهما المعدة بمسلح الفول ليصمد معهم طيلة النهار ثم الشاى لضبط الدماغ، وإن كانت هناك جريدة ما، لا ضير من قراءة عناوينها، أو حتى برجك اليوم، بعدها يبدأ العمل، وليته ما بدأ.

شخط ونطر وأوامر من البيه والهانم فى وجوه الجمهور، اقفوا عدل، كفاية كلام دماغنا وجعنا، أنت تعال هنا، وأنت روح هناك.. آخر بهدلة، هذه هى الصورة المطابقة لكل الدواوين والمصالح الحكومية ومكاتب الخدمة فى ستنا وأمنا وتاج رأسنا مصر، لا يتغير الوضع أبداً منذ أعوام والحكاية من سيئ لأسوأ أضف إليها كارثة الأدراج المفتوحة، والشاى بتاع البيه أى الإكراميات، وكل سنة وأنت طيب التى ما أن يقولها الموظف، حتى يدس المواطن يده فى جيبه ليدفع ثمن المعايدة التى ليس لها محل من الإعراب سوى الرشوة.

فرحت وغيرى بقرار تفريغ مجمع التحرير من المكاتب والإدارات الخدمية، وإعادة هيكلة وتوظيف المبنى العتيق الذى كان بالفعل رمزاً للبيروقراطية والروتين المتعفن على مدى ستة عقود وأكثر، هذا المبنى الذى يزوره يومياً من 30 إلى 100 ألف مواطن من المحافظات جميعًا قاصدين أكثر من 25 جهة حكومية، تمس مصالح المواطنين بشكل مباشر وغير مباشر، كالجوازات، التعليم الفنى، إدارة البعثات، القوى العاملة والهجرة، التربية والتعليم، والصحة وغيرها، سيتم نقل كل هذا إلى أماكن ومكاتب أفضل، أملاً فى تحسين الخدمة للجمهور وتفريغ التحرير، ولكن هل فكرت الحكومة فى تحسين مستوى الموظفين أنفسهم قبل تغيير المكان، بتدريبهم وتأهيلهم ومراقبتهم بالكاميرات لخدمة المواطنين لا تعقيدهم، لأداء مصالحهم لا تعطيلها، لتيسير أمورهم لا حشد الروتين والبيروقراطية أمامهم، الإنسان قبل المكان يا سادة، طوروا الإنسان أولاً قبل أن تهتموا بالمكاتب نفسها تغيير الأماكن لن يغير العقليات المتحجرة التى يتمتع بها أغلب موظفينا والحمد لله، لن يغير تكشيرة وجوههم أو يفك عقدهم التى ينفثونها فى أوراق المواطنين، يا سادة عندما يفطر الموظف فى بيته، ويختفى الفول من المكاتب، ويذهب إلى عمله فى موعده، ويخصص ساعات العمل للعمل الجاد المخلص بأمانة وشرف، وينصرف من عمله فى موعده بلا تزويغ، ولا يفسد عمله بالرشوة، عندها فقط سنبدأ فى التقدم فى قطاعات الخدمات والإدارة.. والله أعلم.

Fekria[email protected]yahoo.com