نفق مظلم هو ما تمر من خلاله تركيا في هذه الأيام وتعاقب للأحداث حتى صار هذا البلد متصدرا عناوين الصحف ومواقع الأخبار العالمية.. الحادث الأخير الذي تصدر العناوين كان الهجوم الذي تعرّض له مطار أتاتورك مساء الثلاثاء بثلاث قنابل والمدافع الرشاشة والذي أودى بحياة ٢٨ شخصا على الأقل وجرح ٦٠ آخرين بينهم ست حالات خطرة وقت كتابة هذه السطور.. حسب شهود العيان سادت حالة من الذعر في المطار، حيث المشهد كان مرعبا وسط إطلاق نار عشوائي والناس يصرخون والبعض يسقط فوق البعض ودماء على الجدران ووصول متأخر للإسعاف لأكثر من ٢٥ دقيقة..
هذا حادث إرهابي يشبه حادث بروكسل ولكن أكثر ضراوة وقسوة والعالم كله معرض لأن يتكرر المشهد به في أي بقعة، ولكنه دون شك سيلقي بظلاله على موسم السياحة الصيفي الذي أوشك أن يبدأ في تركيا وسيتسبب في مزيد من التراجع وبالتالي يزداد الاقتصاد التركي ضعفا وسط حالة العزلة العالمية التي وضع أردوغان ونظامه أنفسهم فيها ويحاولون اليوم الخروج منها بأي وسيلة..
اعتذار لروسيا عن إسقاط المقاتلة رغم إصرار أردوغان قبلها على أن الاعتذار واجب على روسيا، ثم التطبيع مع إسرائيل بشروطها وتعهد تركيا بألا تعمل حماس على القيام بأي أعمال مقاومة من الأراضي التركية (وكأنها كانت تفعل ذلك) والعجيب أن يأتي ترحيب من جماعة الإخوان بهذا التطبيع مغلفا في صورة أن ما تقوم به تركيا هو مساعدة للشعب الفلسطيني وهم يكذبون على العالم وعلى أنفسهم كالعادة..
ثم استمر التناقض الغريب والتأرجح حسب تعبير المتحدث باسم الخارجية المصرية أحمد أبوزيد، تعقيبا على تصريح رئيس الوزراء التركي بن على يلدريم بعدم ممانعة أنقرة من تطوير علاقات اقتصادية مع مصر مع استمرار موقف تركيا الرافض للانقلاب على محمد مرسي.. حيث قال يلدريم في مصر حدث انقلاب على مرسي، إلا أن الحياة تستمر ونحتاج لبعضنا البعض.. لذلك فلا مانع من تطوير علاقاتنا الاقتصادية..
هل هذا نوع من أنواع الجنون الذي أصاب الساسة هناك؟ هل هناك في عالم السياسة نحن » ما يمكن ترجمته إلى مبدأ جديد يقول فنفتح «؟ أعداء ولكن لا مانع من تحقق مصلحتي الأسواق للبضائع التركية – وبالمناسبة هي موجودة في الأسواق المصرية ولكن ربما ليس بنفس الحجم الذي يتمناه الأتراك – ولكنهم يستمرون في التهجم علينا ليل نهار ونرسل قوافل السياحة إليهم ونشتري الدراما منهم وكأن شيئا لم يحدث.. هذا ليس جنونا ولكنه نظام مخبول يتلعثم طوال الوقت. [email protected]