رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الصراحة.. راحة

أنا الآن في رحاب الكعبة المشرفة التي دوماً أشتاق لرؤيتها والطواف حولها في مناسك الحج أو العُمرة.. هذا البيت المعمور الذي زاده الخالق العظيم تعظيماً وتشريفاً ومهابة وإجلالاً.. ومن ينسي أو يتغافل البناء الذي أتمه خليل الرحمن سيدنا إبراهيم أبو الأنبياء ومعه ابنه سيدنا إسماعيل وابن سيدتنا «هاجر» المصرية، الذي فداه الله من الذبح بذبح عظيم بعد أن رأي الخليل الأمر في المنام بذبح فلذة كبده وامتثل هذا الابن لأمر الأب بأن يفعل به كما أمره الله وأنه سيكون إن شاء الله من الصابرين.. في الكعبة الآن السماء متلألئة بالنجوم السابحة والمرسلة بنورها علي عباد الله من الطائفين وكأنها شاهدة عليهم.. وطيور الكعبة تروح وتغدو في حركات عرضية وطولية ودائرية وكأنها تشارك المعتمرين فرحتهم وابتهاجهم بالطواف الكريم.. لا إله إلا الله وحده لا شريك له.. له الملك وله الحمد.. لا إله إلا الله الواحد الأحد.. لا إله الله الغفار والرحمن والمنان.. ما أروع لحظات التجلي وأنت في ضيافة رب العباد الذي أكرمك بالمجيء إلي أرض الإسلام الأولي التي بعث الله منها نبينا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام.. وتطوف بعقلي القصص وما عاناه الرسول في دعوته لدين الحق، وأنظر إلي جبال مكة الموحشة وغار حراء وغار ثور ولحظة خروج النبي من مكة هو وصاحبه يوم هجرته إلي المدينة واختبائه في الغار ويطمئن صاحبه أبا بكر بأن الله معهما.. وتنشئ الحمامة عشها بالقش لتداري علي من بداخل الغار حماية لهما من غدر كفار مكة.. وتستمر رحلة الإيمان إلي «يثرب» وهي المدينة المنورة ويستقبل الأنصار الرسول رافعين سعف النخيل ويبتهجون ويهللون بأن طلع البدر علينا من ثنيات الوداع في صوت منغم وجميل تقشعر له الأبدان ويوحي بالمحبة الفائقة لرسول الرحمة والقرآن، ويمكث الرسول بالمدينة وتبدأ الفتوحات الإسلامية ويحين موعد الإيذان بفتح مكة ويتحرك الركب الكريم المحروس بعناية الله وملائكته ويدخل الرسول إلي البلد الذي عاش وولد على أرضه وأحبه وأكرم أهله وجعلهم طلقاء في الفتح المبين، ويصدح «بلال» الحبشي بصوت الأذان وهو مؤذن الرسول ويتوافد من دخلوا في دين الإسلام ويسعد الرسول بدعوته ويقرر العودة إلي المدينة وعز عليه الفراق، ولكن كانت المدينة المنورة محببة إلي قلبه حتى حان موعد الأجل المحتوم ويدفن ويواري جثمانه الطاهر، وعلي مسافة أمتار من أرض البقيع التي تضم جثامين الصحابة وعلي بعد منها كان مثوي شهداء موقعة أُحد ومنهم عمه سيدنا حمزة الذي بكاه الرسول بدمع العيون.. رزقكم الله بزيارة هذه المدينة الطيبة والوادعة والتي تشعرك بالراحة والطمأنينة والتي دعا لها الرسول.

هذه المدينة الخالدة المنعمة التي تضم مثوي محمد وصاحبيه في القبر سيدنا أبوبكر الصديق والخليفة العادل سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنهما.. وفي الوداع والسلام علي الرسول تنهمر الدموع من مقلة العيون لفراق الحبيب المصطفي.