رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مكلمخانة

نشأت على غير توافق أو  رضاـ رغم أصولى الصعيدية من ناحية الأب ـ مما جعلنى أرفض بعضاً مما يشيع فى صعيد مصر من العادات والأعراف الصعيدية التى لا تتوافق مع مدنية الدولة وإعلاء كلمة القانون الذى يتساوى أمامه جميع المواطنين، ولابد لى من الاعتراف بأن الفضل فى ذلك يعود إلى أبى الذى كان لا يتردد فى إعلان ضيقه وانزعاجه الشديد بمثل هذه التقاليد والأعراف مما يجعله وسط عائلته ـ وهو كبيرهمـ من المارقين على أهله وتراثهم الاجتماعى لحياته فى القاهرة بعد أن هجر مسقط رأسه فى سوهاج ويستوطن العاصمة، فكان أن تعلمت منه كراهية عادة الأخذ بالثأر، ومجالس الصلح العرفية التى تتجاوز القانون، وغياب العقاب عن جناة هربوا من قصاص القانون بالحيلة!، ولم يجدوا مناصاً من لقاء طلاب الثأر منهم وهم يحملون أكفانهم على أيديهم، وليدفعوا دية مالية متفقاً عليها حتى يصفح عنهم خصومهم ويتوقفوا عن طلب الثأر فى تعهد  بذلك على رؤوس الأشهاد.

ومازلت وفياً لهذا الذى حملته من نشأتى الأولى حتى الآن وقد أوشكت على الرحيل متى أذن خالقى، لذلك وجدت نفسى أشاطر الأنبا مكاريوس أسقف المنيا رأيه فيما جرى بقرية الكرم  مؤخراً، إذ رأى الأسقف رفض «المجالس العرفية» التى كان الترتيب يجرى لعقدها بغية احتواء الموقف الذى كان على وشك الانفجار فى المنيا، فقد طالب الأسقف «بضرورة اتخاذ إجراءات رسمية لمحاسبة المتسببين فيما حدث»، ومعنى ذلك أن الأسقف رأى أن إنفاذ القانون فى أمر المتورطين فيما حدث هو الخطوة الأولى التى يتعين اتخاذها قبل مجالس تطييب الخواطر!، تلك التى كثيراً ما تجنبت القانون وإنفاذه فى أحوال كانت كلمة القانون فيها واضحة صريحة، لا تحتمل الالتفاف حولها والتحايل عليها مثلما جرى فى السوابق، وقبل أن يشير أسقف المنيا بما رآه فيما حدث، كان الرئيس عبدالفتاح السيسى قد وجه فور وقوع أحداث المنيا إلى ضرورة إعمال القانون والقبض على المتهمين الذين تورطوا فى ارتكاب الحوادث، وكان هذا التوجيه من الرئيس يحمل مؤشراً بالغ الأهمية على تمسك رئاسة الدولة بأن تكون لها الهيبة الحقيقية المعبرة عن مدنية الدولة، وهى الهيبة التى أظن أنها قد تعرضت فى أحيان مماثلة إلى ما ينتقص من احترامها لترك الأمور  تنتهي إلى غير غاياتها الأصيلة من ضرورة أن يكون القانون هو الفيصل بحيث يتوجب العقاب الذى نص عليه القانون فى الأحوال المبينة التى تستوجب العقاب، وهذه الأحوال لا يصح معها أن تكون الأنشطة العرفية البديلة هى المعادل الموضوعى للعقاب!، ومن أمن العقاب أساء الأدب فما البال للذين يستهينون بالقانون ويهدرون هيبة الدولة بجرم تتدنى أغراضه وتؤثمه السماء قبل قوانين الأرض وهيبة الدول!.