رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مكلمخانة

من أقدار مصر أنها عرفت نظام الدولة المركزية قبل غيرها من الأمم، ولم يكن قيام هذه الدولة مجرد رغبة عند حكام مصر، بقدر ما كان هذا استجابة لضرورة ضبط أنصبة الرى من مياه النيل الذى قامت زراعات مصر على ضفتيه، وكان لابد من نظام لإدارة هذه الدولة المركزية لتسيير أوجه الحياة المختلفة لسكان هذه الدولة اعتمدت على الزراعة لخصوبة أراضيها وسهولة الحصول على المياه فى المواسم الزراعية طوال العام، وكان لابد من نشوء نظام للإدارة اتسع على مرور الأزمنة ليتضخم الجهاز الإدارى للدولة، والذى عنيت هذه الدولة بإنشائه واقتناء كوادره، فضلاً عن تربية هذه الكوادر تربية إدارية ومكتبية بحتة، واهتم الاستعمار الحديث عندما حط على مصر بتشجيع التعليم الذي يسفرعن تخريج كوادر من الكتبة والإداريين وجامعى الضرائب  بابتعاد متعمد عن تشجيع نشأة تعليم صناعى، وهو الأمر الذ تكفلت به مشيخات الحرف التى تعهدت بتعليم وصقل حرفيين يعتمد عليهم فى بعض الصناعات البسيطة، وقد توازى نشوء هذه الدولة القديمة والتعليم القاصر فيها على تخريج الكتبة والإداريين وغيرهم من الجالسين الى المكاتب مع نشوء بيروقراطية مصرية ثابتة الجذور تستمد قوتها من التقادم الذى صمدت أمامه فى مختلف العهود واختلافها ما بين وجود مصر تحت الاحتلال، ثم استقلال مصر وتنوع التعليم فيها إلى إنشاء الجامعات ومختلف الكليات النظرية والعملية، ذلك أن البيروقراطية المصرية قد صنعت لنفسها نظاماً مؤسسياً لم تفلح الحقب المتوالية فى إزاحة بعض بنوده أو التخلص من شروره!، وظنى أن الذين أسسوا للبيروقراطية قد تعمدوا أن يضعوا العراقيل والعقبات التى تجعل الموظف الحكومى فى أى جهة قادراً على المنع والمنح فيما يجيزه للمواطنين وفيما هو ممنوع!، وكان استقرار هذا النظام هو السبيل الذى سلكه أى موظف رأى أن من حقه أن يتقاضى «حلاوة أو إكرامية» مقابل تسهيل وأداء أى خدمة لمواطن!، وعرفت مصر كيف يغرق مواطنوها بين «الرشوة» وغيرها من «الحلاوة والإكرامية»!، حيث بقيت الرشوة من نصيب «الحيتان» من كبار الموظفين والعطف على تقاضى الصغار من بعد «الحوت» على قبض الإكرامية بقدر التفانى فى الخدمة!، وتصبح منظومة «الحلاوة والإكرامية» يتسع نظامها ويتمدد بحكم الكثرة، ويظل الفساد والإفساد بالرشوة الكبيرة أسير الأقلية من الحيتان!، ونحن لم نفلح حتى الآن فى القضاء على رشوة الحيتان، ومؤسسة الحلاوة والإكرامية!، وهذه وتلك فساد فى فساد مهما كانت المسميات عند أبناء الشعب.