رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مكلمخانة

لاحظت خلال ثلاثة أسابيع مضت عبارة تتردد على ألسنة عديد من مسئولى الحكومة فى مناسبات قص الشرائط والافتتاحات والتكريمات التى اجتاحت حياتنا لأسباب قليلها وجبة وكثيرها بدون سبب!، والعبارة من ثلاث كلمات هى «على أعلى مستوى»!، وآخر استخدام لهذه العبارة فى نهاية هذه الأسابيع قد ورد على لسان محافظ القاهرة سابقاً وزير النقل الحالى، إذ بادر  وهو يتفقد ورش ومقار هيئة السكك الحديدية بأننا على أبواب وصول قطارات بعربات حديثة لمختلف خطوط الأقاليم التى تضج من سوء قطاراتها و«البهدلة» التى يتعرض لها المواطنون مهما دفعوا من أموال مقابل الركوب على الخطوط، والتى تتعرض تذاكرها لزيادات وسط صمت مريب!، وقال وزير النقل: «إن القطارات الجديدة على خطوط الأقاليم سوف تكون على أعلى مستوى»!، وأحسب أن وزير النقل المحافظ السابق يعلم من طول خبراته أن المواطن المصرى فى القاهرة أو الأقاليم لا يصرخ من أجل الحصول على خدمات «على أعلى مستوى»!، وإنما تتواضع طلبات المواطن فى مجرد مقعد مريح فى قطار يليق بالآدميين فقط!، وهذه اللياقة تعنى أن يكون المقعد فى القطار مريحاً، وأن يكون هناك لحاجز التذكرة المقعد ينتظره، فلا يفاجأ بأن المقعد قد بيع له و لغيره، ومن طلبات المواطن أن تكون فى القطار دورة مياه نظيفة يجرى تنظيفها بواسطة عامل هيئة السكك الحديدية الذى يتقاضى مرتباً وملحقاته من بدلات وحوافز لكى يؤدى عمله فى نظافة القطار، ولا يدخل فى خانة «على أعلى مستوى» أن يكون للقطار نوافذ تفتح فى الصيف بحثاً عن نسمة هواء إذا ما تعطلت التهوية فى القطار، وأن يمكن للمواطن إغلاق النافذة أثناء برد الشتاء وزمهريره، وأظن أن وزير النقل يرى فى هذه الطلبات ما يجعل القطارات عادية آدمية مقطوعة الصلة بمبدأ «على أعلى مستوى»!

ويساهم فى شعورى بالضيق من ورود هذه العبارة «على أعلى مستوى» مرتبطة بما يستحق وما لا يستحق، وما إذا كان هذا مطلوباً أو غير مطلوب، ما يجعلنى أتمنى على هؤلاء المسئولين أن يتحلوا ببعض التواضع الذى يعرفونه فى مطالب الناس!، فطلبات المواطنين جد غاية فى البساطة، وليس لهم أية شروط تخص المستوى أعلاه أو «أوطاه»!، بل هم يطالبون بالضرورى والعادل الذى يرقى إلى آدميتهم، وما يدعو الى السخرية أننا نفاجأ أحياناً بما تم إنجازه وصرحوا بأنه «على أعلى مستوى»!، ثم تصدمنا الانهيارات والشروخ وسوء الصناعة فيما تم ليخبرنا بأن تمامه قد جرى على «أعلى مستوى من الفساد»!، ولعل هذا يجعل تنحية عبارة «على أعلى مستوى» جانباً ليكون الإعلان عن الإنجاز لما هو مطلوب بالضبط وكفى، وهذا معرض الفخر الحقيقى بأن ما تم استجابة لما طلبه المواطنون، ومهما كان ما تم إنجازه متواضعاً، فهذا هو ما نريده بالضبط ليس إلا، ومعذرة إذا كنت قد سخرت من أدبيات فخر المسئولين!